إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 31 مايو 2013

مرج البحرين



عذب فرات وملح أجاج:

وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً [الفرقان : 53]
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ [الرحمن : 19]



بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ [قـ : 5]
كلمة " مرج" أتت فى موضعين وفى الثالث جاءت " مريج"،

يمرج / مرج

نعلم كلمة " رج" وهى كما يقول المعجم:


رج (مقاييس اللغة)

الراء والجيم أصلٌ يدلُّ على الاضطراب
والرَّجُّ: تحريك الشيء

مرج (مقاييس اللغة)

الميم والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على مجيءٍ وذَهابٍ واضطراب

الفرق بين " يرج" و" يمرج" أن الثانية تفيد تمام الرج أو تمام تحرك الشىء فى إضطراب ويعطى المعنى الإيجابى للفعل،

مثلها فعل " يهد" و" يمهد" ، فالأول " الهد" يفيد خفض الشىء بتكسيره وضعضعته والثانى أفاد جعل الشىء سهل منخفض وهذا هو إيجابية الفعل، ذلك خلاف الهد الذى قد يكون إيجابى أو سلبى.

وعليه يكون " مرج البحرين" بمعنى حركهما ، جعلها مياه نشطة متحركة جارية ولم تكن " راكدة" وإلا فسدت. ومياه البحر المالح نظرياً راكدة ولكون مياه البحر فى حركة داخلية مستمرة فهى متجددة جارية لا تتعفن. هذا بالإضافة الى الملوحة التى تحفظ الماء والحياة داخله.
فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ: أمر شديد الإضطراب

فهم المعنى على أنه إختلاط الشيئين لا يستقيم مع قوله "
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ" والبغى هو تجاوز الحد الفاصل. البحران يلتقيان عند نقطة تماس ولا يتجاوزها هذا أو ذاك. وهذه النقطة هى البرزخ.
برزخ (الصّحّاح في اللغة)
البَرْزَخُ: الحاجز بين الشيئين


فكيف يكون بينهما حاجزا ونأتى ونقول أنه خلطهما والخلط يدل على التداخل بين شيئين أو أكثر؟ لا يستقيم هذا الفهم.

والمعنى الصحيح للبرزخ هو الحد الفاصل المخفى الذى لا يرى ، الباء والراء والزاى تدل على ظهور وبروز والخاء تخفى هذه الحركات البارزة ( الخاء لإخماد الحركة وجعلها تتلاشى). وحيث أننا لا نراه يمكننا أن نسميه " الحد الفاصل الوهمى".

خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)الرحمن

مارج : مضطرب بطبعة، خلاف الصلصال المتماسك اللين السهل،

وهذا كالفخار الذى خمدت وسكنت ناره فإنطفأت والثانى مازال فى ناريته.


نأتى الى كلمات " عذب" ، " فرات" و" أجاج" :

عذب:
ذب (مقاييس اللغة)

الذال والباء في المضاعف أصولٌ ثلاثة: أحدها طُوَيئرٌ، ثم يُحمَل عليه ويشبَّه به غيرُه، والآخَر الحَدُّ والحِدّة، والثالث الاضطرابُ والحرَكة.فالأوّل الذُّباب، معروف، وواحدته ذُبابة، وجمع الجمع أذِبّة.

والعين والباء تفيد الإمتلاء والكثرة وهى هنا تدل على غزارة الماء وعمقه.

عذب: الماء الجارى الغزير

فرات:

لسان العرب ذكر تحت مادة " فرت" :
والفِرْتُ لغةٌ في الفِتْر؛ عن ابن جني، كأَنه مقلوب عنه" إنتهى

وماءٌ فاترٌ: بين الحار والبارد.
وفَتَرَ
الماءُ: سكن حرّه

فتر (مقاييس اللغة)

الفاء والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَعفٍ في الشَّيء. من ذلك: فَتَر الشّيءُ يَفْتُر فُتُوراً. إنتهى



نحن أمام " فرت" و" فتر" :

الضعف فى فتر جاء من الفاء والتاء ولعلك أكلت " الفتة" من قبل. وعندك كلمة " فتات الخبز".

وكذلك دخول الفاء والراء والتاء على حرف الكاف الذى يفيد التجمع والتكتل يؤدى الى تقطيع وتمزيق الشىء وهو إضعاف لتكتله ( فرتك الشىء).



فرات: الفاء المضموة أفادت صدور حركة مبتعدة بشدة وقوة عن المركز مع تكرار حتى تصل الى أبعد حد بالألف غير المهموزة فتضعف بالتاء ، هذا وصف لحركة مياه النهر التى تبدأ متفجرة الى أن تهدأ وتستقر.

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة : 74]

أصبح عندنا وصف لكيفية مرج البحر فى قوله " عذب فرات".

ولهذا ذكر وصف ثالث خاص بالطعم وهو " سائغ شرابه":

وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [فاطر : 12]

لو كان معنى عذب أنه حلو ومقبول الطعم وكلمة فرات تعنى شدة هذه العذوبة ( المغلوطة) لكانت كلمات " سائغ شرابه" لا معنى لها ولا قيمة لذكرها بعد كلمات عذب وفرات.


ملح أجاج:

الملح معروف.

أجاج :

لسان العرب:" وأَجِيجُ الماءِ: صوتُ انصبابه"

كلمة أجاج هى شدة إضطراب حركة مياه البحر فهو متلاطم الأمواج خلاف النهر. وهذا بيان لكيفية مرجه.



تبقى كلمة " غدقا":

وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً [الجن : 16]

غدق: الدال والقاف تدل على دقة الشىء ونعومته والغين ألغت تلك النعومة وغيبتها فجعلتها " أسهل ما يكون وأيسر" فلا نبذل أدنى مجهود فى الحصول على الماء ( إنعدام العمل).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق