إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 أبريل 2013

هل الخمر حرام؟



هل الكحوليات بأنواعها حرام؟

هذا السؤال قديم قدم نزول القرءان، من عاصر الرسول عليه السلام سألوه كما سألوا عن الإنفاق ( ماذا ينفقون؟) وأرادوا إجابة صريحة ، تحدد إن كان الخمر حراما أم حلالا وتحدد لهم قيمة مقدرة لما ينفقوه.

ولكن الإجابة أتت مغايرة لما رجوه ، كيف ذلك؟

لعل قارىء القرءان يتسائل عن الربط بين الخمر والميسر فى الأية التالية والإنفاق:


يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [البقرة : 219]


والرابط بينهما هو الإبتلاء والإختبار وحرية الإختيار . الأية تقرر حقيقة ناصعة للناس وهى منافع الخمر والميسر وإثمهما مع تغليب الإثم عن المنفعة فيها. وتعطى سقف عام للإنفاق وقاعدة له فى ذات الأمر وهو " العفو" وكما أوضحنا فى بحث عن الإنفاق أن العفو هو التسامح فى العطاء. القضية ليست فى قيمة ما نعطى ولكن فى تسامحنا فيه ، أن نعطى وقلوبنا وجلة ولا نمن على من نعطيه ولا ننفق رئاء الناس:

وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون : 60]
وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً [النساء : 38]

وإنظر الى خاتمة الأية 219 البقرة :" كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ".

الله يقول أنه بين لنا الأمر لعلنا نتفكر، فهل نحن فاعلون؟ وما جاءت به الأية هو بينة وإجابة سؤالهم.

نأتى الى الخمر والميسر وقد أوضحنا أن الخمر والميسر هما طريقة تصنيع الكحوليات بأنواعها ويتمثل الخمر فى إضافة الخميرة والملح والميسر فى خلطها مع نوع الفاكهة وهرسها لتتفاعل وينتج عنها المشروب الكحولى.

هناك أية تنهى عن قرب الصلاة ونحن سكارى حتى نعلم ما نقوله:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء : 43]

ويبدو أنهم إلتزموا بالأمر بالبعد عن الصلاة فى حالة سكرهم ولكنهم شربوا المسكرات وهجروا الصلاة وهذا ما أوضحته الأية التالية":

إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة : 91]

فهل أنتم منتهمون : لا نساوي بينها وبين قوله :" إنتهوا خيرا لكم" :

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً [النساء : 171]


فهل أنتم منتهون: إستفام ينكر عليهم فعلهم بتركهم الصلاة وبعدهم عن ذكر الله لسكرهم وعدم معرفتهم ما يفعلون ويقولون ولكنه لا يحرم الخمر والميسر.

وفى نفس سورة المائدة جاءت أية تقول:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة : 90]


نحن لنا بحث يقول بأن الأنصاب والأزلام هى مصارعة الوحوش والطيور والمراهنات ).
الأنصاب والأزلام تم تحريمها مع أية الطعام.

الأية 90 المائدة إختلف الناس عليها ، هل هى تحرم الخمر والميسر ؟

الفيصل فى الأمر دون الخوض فيما قالوا وما قد نقوله فيها هو ترتيب نزول سورة البقرة والمائدة:

سورة البقرة جاء فيها السؤال عن الخمر والميسر والإجابة كما ذكرت الأية فى بيان منافعها وإثمها وإثمها أكبر، بينما سورة المائدة جاءت بأمر إجتناب رجس الخمر الذى هو من عمل الشيطان. ولو كانت المائدة سابقة فى النزول وهى التى قالت بأنها من عمل الشيطان لرجسها والبقرة متأخرة عنها وهى التى جاء فيها السؤال عن الخمر والميسر لكان ما جاءت به المائدة لا يحرمها .

أية تحريم المطاعم أتت أربع مراة وهى بترتيب المصحف:


إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة : 173]

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة : 3]

قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الأنعام : 145]

إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النحل : 115]

نقارن بداية كل أية منها:


إنما حرم عليكم: البقرة

حرمت عليكم : المائدة

قل لا أجد فى ما أوحى الى: الأنعام


إنما حرم عليكم: النحل



أية الأنعام مفهوم أنها تتكلم عن أمر قد تم تحريمه من قبل،

أيات البقرة والنحل التى بدأت " إنما حرم عليكم" فيها إستدراك وتأكيد على أمر قد تم من قبل.

أية المائدة والتى بدأت " حرمت عليكم"  تأتى بالحكم لأول مرة وقد جاء مفصلا مقارنة بالأيات الأخرى.


لهذا تكون المائدة سابقة للبقرة التى جاء فيها السؤال عن الخمر والميسر، هذا لأنهم لم يفهموا ما جاءت به المائدة على أنه تحريم للخمر والميسر.

هل إذا الخمر والميسر حلالاً لنا ؟

القرءان أعطى إطار عام علينا لا نخرج منه وهو:


لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93) المائدة

لا حظ التتابع:
فيما طعموا / إذا ما إتقوا ( هذا هو الحاكم لنا) وأمنوا وعملوا الصالحات ( من يشرب للثمالة لا يتقى ولا يعمل الصالحات) / ثم إتقوا وأمنوا ( ما زال فى وعيه) / ثم إتقوا وأحسنوا ( لم يمنعه الشرب من التقوى وما فوقها من إحسان ).
الخلاصة: شرب الخمر والميسر ليس حراما إذا ما أمنا وإتقينا وأحسنا.

وقد ينقسم الناس الى ثلاث طوائف:

فئة تأخذ بالتقية وتمتنع عن شرب الخمر والميسر تجنباً لإثمها الكبير ونحن منها وهى لا تمتنع تحريماً له لأنها لا تحرم ما لم يحرمه الله.
فئة أخرى تشربه فى حدود المعقول مما لا يفقدها إيمانها وعملها الصالح.
فئة تشربه وتبغى على نفسها فيبعدهاذلك عن ذكر الله والصلاة.

وعليه نفهم الأية التالية بصورة أخرى مغايرة:

وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [النحل : 67]

نحن اثبتنا أن النخيل هى كل شجر مثمر ( صنوان وغير صنوان) كالبلح وقصب السكر والتفاح والخوخ والمشمش وغيرها والأعناب هى كل ما يثمر حبات مملوءة الماء كالتوت والكريز وما نعرفه بإسم العنب.


رزقا حسناً: فى بيع الثمار نفسها ، خام  كانت  أم مصنعة فى أى صورة.
 
سكراً حسناً: لمن يحسن ، والسكر هو شرب خمرة الثمار .

الاثنين، 29 أبريل 2013

الذنوب بفتح الذال

فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ [الذاريات : 59]

الفرق بين الذنوب ( بفتح الذال) والذنوب ( بضمها) هو أن الأولى لا تنتهى فلا يتوب مقترفيها ولا يتوب الله عليهم ولا يغفر لهم حتى ينهيها الموت.

لسان العرب: يومٌ ذَنُوبٌ: طويلُ الذَّنَبِ لا يَنْقَضي، يعني طول شَرِّه.
وقال غيرُه: يومٌ ذَنُوبٌ: طويل الشَّر لا ينقضي، كأَنه طويل الذَّنَبِ."

الذنوب بالضم ما نقترفه ولا نصر عليه ونستغفر الله عليه :

وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران : 135]

أخذ الله أل فرعون بذنوبهم لكونها إنتهت عندما أخذهم الله بها:

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال : 52]

هم إعترفوا بذنوبهم التى إنتهت بموتهم فى الدنيا:

قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ [غافر : 11]
لذلك التوبة عند حضور الموت لا تقبل:

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [النساء : 18]

ءلاء الرَّحْمَٰنِ


الرحمن

الرحمن ليس صيغة مبالغة من الرحيم

يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً [مريم : 45]


الرحمن من اسماء الله الحسنى الجامع لكل صفاته من قدرة وعزة وجبروت وعلم ورحمة الى كل صفاته سبحانه وتعالى فالرحمن هو الخالق العزيز القدير والأول والأخر والعليم والخبير والجبار والمتكبر ، هو كل اسماء الله الحسنى . الله هو اسم الأولوهية والرحمن الإسم الجامع لصفات الإله القائم بالأفعال.

كل فعل يأتى من إسم الرحمن ، هو باعث الحياة ومسبب الأسباب :



أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً [مريم : 58]
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً [مريم : 61]
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً [الفرقان : 59]


إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً [مريم : 93]



أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ [يس : 23]
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف : 45]

أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ [الملك : 20]

يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً [النبأ : 38]


وهناك الكثير من الأيات

كلمة عباد لم تنسب فى القرآن الا ل الله والرحمن:

أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ [الدخان : 18]


وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً [الفرقان : 63]


ونقرأ سورة "الرحمن" نزداد علما بإسم الرحمن.
فى سورة الرحمن تكررت كلمة " ألاء" والتى فهمها الأعاجم تخمينا على أنها " نعم الله " وعارضتهم بنت الشاطىء وإنتهت الى أنها تعنى " القدرة". ورأيها هذا يعد تخمينا كذلك لأنها لم تأتى بالتحليل اللغوى لحروف الكلمة ، هى فقط أبطلت معنى النعم وذلك لأنها أتت كذلك فى معرض العذاب :

وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) النجم
ومن سورة الرحمن :
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ (44) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45) الرحمن
والأعراف :

٦٩:٧  أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِى ٱلْخَلْقِ بَصْۜطَةً فَٱذْكُرُوٓا۟ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

 ءلاء :

عندما نتتبع الكلمات التى تنتهى بالمقطع " لاء" نجد:

طلاء: طبقة الدهان الخارجى الظاهرة والبينة

سلاء: شوكة النخلة ( شدة الظهور)

جلاء: الوضوح والظهور ، وحتى فى إستخدامها لجلاء العدو تحمل الوضوح الشديد للخروج.
علاء: الرفعة أو المكانة المرموقة ، وضوح شديد للحركة
غلاء: إرتفاع الأسعار ( شدة ووضوح)

ولاء: الطاعة والإخلاص ( شدة الوضوح).

هذا المقطع " لاء" يدل على الوضوح الشديد وما قبله وهو الهمزة على السطر ما دلالتها؟

حرف الهمزة جمع بين الهاء والميم والزاى والهاء المنقوطة وكلها حروف تدل على نشاط ، تمام الحركة، زيادة نشاط الحركة ، بلوغها غايتها.

وقوع الهمزة على الألف يدل على أنه هناك حركة ما يتم تفعيلها ، أما الهمزة الواقعة على السطر فتدل على الحركة من العدم، من اللاشىء.

وهذه هى ءلاء الرحمن ، أفعاله التى لم يسبقه اليها أحد غيره وهى واضحة شديدة الوضوح لا تخطئها أذن واعية ،

تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن : 78]
هذه الخاتمة إجابة السؤال الذى تكرر فى سورة الرحمن وهو "  فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ".

الصفا والمروة ليست جبال يطاف بها

الصفا والمروة

إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة : 158]

ليس عليكم جناح = ليس خطأ

وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور : 60]

يطوف بهما= كما فى الأية التالية مع تضعيف الفعل هنا للكثرة

يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف : 71]

قارن بين : يطوف بها  /  يطاف بصحاف من ذهب وأكواب

الباء هنا للواسطة ، واسطة الطواف الصفا والمروة والصحاف والأكواب

وهى  تعنى تقديم الشىء

ومن تطوع خيرا= من زاد عليها ( هذه تنفى أن تكون الصفا والمروة من اللحوم وإلا وجب علينا أن نقدم ما هو أثمن من اللحوم وهذا لا يوجد ).


مروة :

المعجم:
ابن سيده: مَرَى الشيءَ وامْتَراه استخرجه.
والريح تَمْري السحاب وتَمْتَريه: تستخرجه وتَسْتَدِرُّه.
ومَرَت الريحُ السحابَ إِذا أَنزلت منه المطر.
وناقة مَرِيٌّ: غزيرة اللبن، حكاه سيبويه

ومنها المروة وهو ما يحلب من اللبن.

الصفا:
صفو (مقاييس اللغة)

الصاد والفاء والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلوصٍ من كل شَوب. من ذلك الصَّفاءُ، وهو ضدُّ الكَدَرِ؛ يقال صفا يصفو، إذا خَلص. يقال لكَ صَفْوُ هذا الأمرِ وصِفْوته


أَصْفت الدَّجاجةُ، إِذا انقطع بيضُها، إِصفاءً.
وذلك كأنَّها صَفَتْ أي خَلَصت من البَيْضِ


نعلم أن " صفوان" هو الحجر الأملس

والصفا هو بيض الدجاجة أو غيرها ( البط مثلا) لأنه يخرج منها بعملية الصفو ، كما يحلب أو يدراللبن بعملية المرو فهو مروة .


نقول على الماء الصافى وعلى اللحم المشوى الخالى من الدهن الصافى وعلى العسل الصافى والمصفى وهذه كلها لا يطلق عليها الصفا.

الأحد، 28 أبريل 2013

ألزمناه طائره فى عنقه

وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً
[الإسراء : 13]

طائر الإنسان هو عمله الذى يخرج وينتج منه من قول وفعل.

الزمناه فى عنقه: فهو ملازم له كالدين فى العنق الى يوم الدين يوم ان يوفيه الله حسابه عندما يخرج له كتاباً فيه ما عمله فى دنياه.


لسان العرب:
وقال الفراء: الطائرُ معناه عنده العرب العمَلُ، وطائرُ الإِنسانِ عَمَلُه الذي قُلِّدَه".

طير (الصّحّاح في اللغة)
وطائِر الإنسان: عمله الذي قُلِّده.
 

السر وأخفى

وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه : 7]

سال أحد الأخوة الكرام عن رأى الصفحة فى الفرق بين "يسرون" ، "يخفون" ، "الخبء" و"يكتمون" ، وهذا بيان ما نفهمه.

السر: خاص بالأذن أو السمع وهو للقول ويحتفظ به داخل نفس الإنسان.

أسروا فى أنفسهم:

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْت
ِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ [المائدة : 52]

أسروا قولكم:

وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الملك : 13]


سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ [الرعد : 10]

أسروا النجوى ( الحديث والقول):

لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء : 3]


تسرون اليهم بالمودة ( فى نفس الإنسان):

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ [الممتحنة : 1]

نسمع سرهم : السمع للسر:

أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف : 80]

يخفون أو الخفاء: يكون للفعل أو العمل يدور فى الخفاء فلا يراه الأخرون ، الخفاء متعلق بالبصر والرؤية:

يستخفون من الناس: لا يراهم الناس:

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً [النساء : 108]

تخفون من الكتاب: لا يطلع عليه باقى الناس:

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [المائدة : 15]

لا يخفون علينا: نراهم

إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [فصلت : 40]

الجهر أتى تارة مقابل السر وتارة مقابل الخفاء لكونه متعلق بالسمع والبصر معا:

جهر الرؤية:

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ [البقرة : 55]


الجهر بالقول:

لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً [النساء : 148]


يعلم الجهر: ما نفعله على مرأى الناس

ما يخفى: ما نفعله ونحن مستخفين بعيدا عن أعين الناس

إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى [الأعلى : 7]


ينفق منه سرا: لا يعلم به الناس

أو جهرا: إعلانه

ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ [النحل : 75]


خبء: الخاء تخمد الحركات المنبثقة من الباء والهمزة التى على السطر تسكنها ( توقف الحركات) وهذا كله يجعلها ساكنةفى مكانها لا ترى.:

أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [النمل : 25]

وهذا الخبء رزق السماء والأرض الذى ينزله الله بقدر:

وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [الشورى : 27]

يكتمون: الكتمان يكون لما يسمع ولما يرى:

لما يرى:

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً [النساء : 37]


لما يسمع:

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً [النساء : 42]

كتم: تتجمع الحركات منجذبة لتتكتل وتتم ، هذا التجمع هو فى حقيقة الأمر منعها من الإنتشار ،

لهذا نقول "كاتم الصوت" وهو منع الصوت من الإنتشار لكى لايسمع رغما عن صدوره.

فى أية النساء 37 كتمان نعمة الله يكون بمنع ظهورها بأن نلبس رخيص الثياب ونحن مقتدرون حتى لا ُنسأل من المحتاجين.

وفى أية النساء 42 لا يكتمون ( يمنعون) الله حديثا.

ولا تكتمون الكتاب: لا تمنعوه الناس بعدم إظهاره لهم وتمكينهم منه ( أفهم هنا أن أهل الكتاب لم يقوموا بنسخ كتاب الله ليكون متاحا لجميع الناس وهذا كان الى عهد ليس ببعيد عنا):

وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران : 187]

لهذا أتى الكتمان مع الشهادة :

أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة : 140]

كتمان الحمل: بمنع ما يدل عليه :

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ [البقرة : 228]

يكتم إيمانه: يمنع ظهوره ويمنع أن يُسمع منه ما يدل عليه:

وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ [غافر : 28]


والكتمان يفيد المنع كما قلنا ويضاف عليه الخداع ( الخداع أتى من دخول الكاف على "تم" التى تفيد إتمام الشىء" ):

وهذا نفهمه من الأية التالية:

وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ [آل عمران : 167]

قولهم شىء وكتمانهم الحقيقة ما هو الا منع الحقيقة من الظهور وإظهار غيرها.
لو أعدنا فهم الأيات السابقة التى أتى فيها الكتمان نفهم منها منع الحقيقة وإظهار غيرها.

ونحن نستعملها على النحو الإيجابى ونقول " هذا إنسان كتوم" لمن لا يظهر الحزن والفرح فلا تعلم إن كان حزينا أو فرحا.

نأتى الى اية طه:

وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه : 7]

يعلم السر: ما يدور فى أنفسنا
وأخفى: وما وراء ذلك مما يدور خارج نطاق مداركنا.

ما هو الركوع؟




وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة : 43]

الركوع:

ر ك ع :

طريق معانى الحروف:

تكرار ينتهى بتجمع حركات متآلفة ( الكاف) والعين وضوح الحركة.

للركوع معنى معنوى وهو الضعف والرقة والتذلل البين ( الواضح).

ومعناها المادى هو أن تقع بوجهك على الأرض بفعل الخرور . أنت بهذا تكون إنتقلت من الوضع واقفا فى حركات متآلفة الى وضع تتجمع فيه هذه الحركات والتجمع بسقوط هذه الكتلة على الأرض.

فى الأية السابقة أمر بالركوع مع الراكعين وهو أن نرقق ونضعف من أنفسنا ونتذلل الى رب العالمين.

طريق المعجم:

نلجأ الى تراكيب الحروف فى المعجم فنجد:

رك (ك) : رك (مقاييس اللغة)

الراء والكاف أصلان: أحدهما وهو معظم البابِ رِقّةُ الشّيء وضعفُه، والثاني تراكُمُ بعضِ الشَّيء على بعض.فالأوَّل الرَِّكُّ، وهو المطر الضعيف. يقال أرَكَّتِ السّماءُ إركاكاً، إذا أتَتْ بِرَِكٍّ.

مقاييس اللغة أتى بمعنين أولهما المعنوى وهو الرقة والضعف والثانى المادى وهو تراكم الشىء على بعضه وهذا المعنى يتجلى فى سقوطك من وضع القيام لتتراكم على بعضك ساقطا على الأرض بيديك.

كعع:

كعع (لسان العرب)
الكَعُّ والكاعُّ: الضعِيفُ العاجُِ، وزنه فَعْلٌ؛ حكاه الفارسي.
ورجل كعُّ الوجه: رقِيقُه

كيع (الصّحّاح في اللغة)
الكسائي: كِعْتُ عن الشيء أَكيعُ وأَكاعُ، لغة في كعَعْتُ عن الأمر أَكِعُّ، إذا هِبْتَهُ وجبُنتَ


وإذا نظرنا الى الراء مع العين نجد:

رعع (لسان العرب)
ابن الأَعرابي: الرَّعُّ السكون.
والرَّعاعُ: الأَحداثُ.
ورَعاعُ الناس: سُقّاطُهم وسَفِلَتُهم.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن المَوسم يَجمع رَعاع الناس أَي غَوْغاءهم وسُقّاطَهم وأَخلاطَهم، الواحد رَعاعة؛ ومنه حديث عثمان، رضي الله عنه، حين تَنَكَّرَ له الناس: إِن هؤلاء النفر رَعاع غَثَرةٌ.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: وسائر الناسِ هَمَجٌ رَعاعٌ؛ قال أَبو منصور: قرأْت بخط شمر والرُّعاعُ كالزجاج من الناس، وهم الرُّذال الضُّعفاء، وهم الذين إِذا فَزِعوا طاروا؛ قال أَبو العَمَيْثَل: ويقال للنعامة رَعاعة لأَنها أَبداً كأَنها مَنْخوبة فَزعةٌ.

هو لا يخرج عن الضعف والتذلل كذلك.

نلجأ الى اللسان المصرى:

عك ( معكوس كع) المسألة : أفسدها أو لم يجعلها واضحة ( جعل من التجمع والتكتل متفرقات لا تستطيع جمعها)

كع غرامة مالية: الدفع الشديد للمال الكثير مرة واحدة ( معنى السقوط أو الخرور) ، هنا تجمع مال كثير يدفع به مرة واحدة

رك الزهر ( لعبة الطاولة) : حركة الزهرين داخل قبضة اليد حتى لا يثبتا على رقمين معينين ، عدم الثبات يمنع تجمع رقمين معا.إنهاء التجمع والتكتل.

من هنا نأتى الى ركوع نبى الله داود ولماذا إرتبط بالخرور:


قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ [صـ : 24]

وحتى لا نطيل نكتفى بما جاء به لسان العرب ( المعجم):

وخَرَّ يَخِرُّ خَرّاً: هَوَى من عُلْوٍ إِلى أَسفل. غيره: خَرَّ يَخِرُّ ويَخُرُّ، بالكسر والضم، إِذا سقط من علو.


أما وضح الإنحناء فهذا لا يمت الى الركوع بصلة.

ملحق:
أضواء على حرف الراء ودلالته:
حسن عباس فى كتابه "خصائص الحروف العربية ومعانيها": مجهور متوسط الشدة والرخاوة. شكله في السريانية يشبه الرأس /  صوت حرف الراء من أصوات الحروف هو أشبه ما يكون بالمفاصل من الجسد.
وانطلاقاً من خاصية التمفصل هذه في صوت (الراء) وفي مفاصل الجسد، قد ادخل العربي هذا الحرف في معظم الأعضاء التي تتصل بغيرها بمفاصل غضروفية. منها:
الرأس . الرقبة . المِرفق . الركبة . الرضفة . الرِّجل. الرسغ. الوِرك. الورّ (الورك) . الفقرة. ويلحق بها الأعضاء التي تتوافق معها في ظاهرة / وفي الحقيقة، إن حاجة اللغة العربية إلى حرف الراء لاتقل عن حاجة الجسد للمفاصل. فلولا صوت الراء لفقدت  لغتنا الكثير من مرونتها وحيوتها وقدرتها الحركية ، ولفقدت بالتالي الكثير من رشاقتها، ومن مقومات ذوقها الأدبي الرفيع.
وفى هذا يتفق معه سبيط النيلى.

ركع : الراء تعلن بداية حركة أو حركات تنتهى بتكون حركة " الكاف" ، والكاف تدل على تجمع وتكتل فى الحركات أو الشىء.


حرف العين:

حسن عباس:" فصوت الغين يتشكل بتقبُّض مخرجه في الحلق بشيء من التشنُّج، ثم بتوزع النَفس بفعل هذا التقبض، في دغدغة يوحي معها بغرغرة الموت والظلام والغؤور، كما سبق ولحظنا ذلك في دراسته.
أما صوت العين، فهو يتشكل بتضيُّق مخرجه في أول الحلْق على شكل حلقة ملساء، ومن ثم بتجميع ذبذبات النفس في بؤرة هذه الحلقة. وهكذا لا بد لصوته النقي الناصع أن يوحي بالفعالية والإشراق والظهور والسمو، على العكس مما يوحيه صوت الغين المخرب المحكوك".
ويضيف :" وحرف العين في تعامله مع الحروف، إما أن يشّدها إلى تحقيق خصائصه الذاتية، من الفعالية والقوة والصفاء والفخامة والسمو، وإما أن ينساق معها للتعبير عن مختلف خصائصها الحسية والشعورية، وإن تناقضت أصلاً مع خصائصه. ولكن ليضفي على معاني الألفاظ التي يشارك في تراكيبها في الأعم الأغلب، كثيراً من الفعالية والعيانية والظهور.
فالعشق هو الظاهر من الحب الخفي.
والعذاب هو الظاهر من الألم الدفين.
والعبودية هي الظاهر من الطاعة والتبعية.
والعداوة هي الظاهر من الحقد الدفين إنتهى

وعليه يكون حرف العين فى ركع لوضوح وظهور هذا التجمع فى الحركات.