إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 25 مايو 2014

إِنّ أَصْحَابَ الْجَنّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ


إِنّ أَصْحَابَ الْجَنّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ،

قالوا: شغلهم افتضاض الأبكار،

هذا ما تقرأه فى تفسير إبن كثير وغيره، فقد ذكر إبن كثير :"قال عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وسعيد المسيب وعكرمة والحسن وقتادة والأعمش وسليمان التيمي والأوزاعي في قوله تبارك وتعالى: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قالوا: شغلهم افتضاض الأبكار" 

وقوله عز وجل: {هم وأزواجهم} قال مجاهد: وحلائلهم.

نقرأ الأيات كاملة:

إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) يس

وهل أصحاب الجنة رجال دون النساء؟ ففى ماذا تنشغل النساء؟

وقد ذكر إبن كثر كذلك :" قال الحسن البصري وإسماعيل بن أبي خالد: في شغل عما فيه أهل النار من العذاب"،

وهو نفسه بدأ شرح الأيات بقوله:"يخبر تعالى عن أهل الجنة أنهم يوم القيامة إذا ارتحلوا من العَرَصات, فنزلوا في روضات الجنات, أنهم في شغل عن غيرهم بما هم فيه من النعيم المقيم والفوز العظيم"

وإبن كثير من الشام والعرصات أعلاه تعنى " حفل الزواج".

ما قاله إبن كثير وما ذكره رواية عن إبن مسعود وغيرهم بعيد كل البعد عن السياق وعن الألفاظ ولا يمت إليه بصلة،

هم إستندوا ربما وإن لم يكن هذا مبرر لفهمهم، إستندوا على الأية التالية " وهم وأزواجهم" فظنوا أن القوم قد عادوا للتو من حفل الزواج وهم الأن فى حفل الدُخلة.

ولكن الأية تشرح نفسها ماذا يفعل هؤلاء الأزواج ( الأنواع) :فى ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57)

هم متكئون: ولا تعنى أنهم على فراش الزوجية

لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون: هذا هو شغلهم الشاغل وهم فاكهون، مسرورون مبتسمون ويضحكون ويتسامرون ، هم شغلهم لا تعب فيه ولا نصب إذ لهم فيها ما يدعون.

وأصوب أقوالهم هو ما قالوه روايةً عن الحسن البصرى.

وقد نتسائل: أكثر الروايات عن إبن عباس وإبن مسعود فى التفاسير ، إن لم تكن كلها، هى روايات أحاد، فلماذا لا ينقحونها ويبتعدون عن تقديس المروى عنه الذى ربما لم يقله ويسلمون بصدق من رواه؟

سورة الأحزاب وصدق التاريخ على المحك

سورة الأحزاب وصدق التاريخ على المحك،

يقول التاريخ أو السيرة من الكتب أن الرسول عليه السلام تزوج من ماريا القبطية فى العام السابع الهجرى بعد صلح الحديبية وأنجب منها إبراهيم فى العام الثامن والذى توفاه الله فى عمر ستة عشر شهراً أو ثمان عشر فى العام العاشر الهجرى.

ولكن سورة الأحزاب التى نزلت فى ما يعرف بغزوة الخندق وغزوة الخندق كانت فى العام الخامس الهجرى وفقاً للتاريخ، هذه السورة جاء فيها:

مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [الأحزاب : 40]

هذه الأية تنفى أنه على الأقل أن يكون للنبى عليه السلام وقت نزولها أبناء ذكور ولو كانوا أطفالاً ، لأنها هكذا تنبىء بموتهم إن كانوا وجدوا قبل أن يبلغوا الحلم وهذا لم يقل به أحد ولا يمكن القول به.

وإن قلنا بأن سورة الأحزاب قد نزلت بعد موت إبراهيم وهذا يوافق خمسة أعوام من بعد موقعة الخندق ، إن قلنا ذلك نجد أنفسنا فى مأزق أخر،

وهو زواج النبى عليه السلام من زينب بنت جحش والذى كان فى نفس عام الأحزاب أو الخامس الهجرى والسورة نزلت ومن أسباب نزولها هو زواجه عليه السلام من مطلقة زيد إبنه بالتبنى:

وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً [الأحزاب : 37]

فمن غير المعقول أن تنزل السورة بعد الحدث بخمسة أعوام أو أكثر ،

ناهيك عن أن السورة تخبرنا بالتالى:

يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً [الأحزاب : 20]

يحسبون أن الأحزاب لم يذهبوا: هو خطاب للمنافقين فى المدينة ولم يتم صلح الحديبة بعد ولم تفتح مكة بعد، هو خطاب نزل ليس ببعيد عن ذهاب الأحزاب، لعله بعدها بأيام أو بضعة شهور.

وقلنا وفقاً للتاريخ أن إبراهيم توفى فى العام العاشر ، بينما فتح مكة كان فى العام الثامن الهجرى وهذا يجعل غير مقبول أن يخاطب القرءان المنافقين بأن الأحزاب لم يذهبوا وقد تم فتح مكة ودخل الناس فى دين الله أفواجاً وزد على ذلك طرد المشركين من الأرض الحرام.

هذا يجعلنا نُكذب زواجه عليه السلام من ماريا وإنجابه منها .....

ولكن نصدق التاريخ فى زواجه من زينب بنت جحش فى العام الخامس وهو عام الأحزاب والذى هو حتماً نفس عام نزول السورة

السبيل وما دلالته؟ هل هو الطريق؟

السبيل وما دلالته؟ هل هو الطريق؟

يقول لسان العرب:

"وسَبَّل ضَيْعته: جَعَلها في سَبيل الله" ، "وسَبَّلت الشيء إِذا أَبَحْته"

المعنى هو المنفعة العامة.

وقال المعجم كذلك :" وقد أَسْبَلَت السماءُ، وأَسْبَلَ دَمْعَه، وأَسْبَلَ المطرُ والدمعُ إِذا هَطَلا، والاسم السَّبَل، بالتحريك"

"وفي حديث الاستسقاء: اسْقِنا غَيْثاً سابِلاً أَي هاطِلاً غَزِيراً" ،

سبل: الباء واللام تدل على الماء ( بلل) والسين على التنفيس، مما يعنى أن الماء يخرج عن طريق التنفيس وبقوة إندفاع.

السبيل : الذى قد تجده فى الطريق لتشرب منه يعطيك ماء بقدر شربك ، هو ليس مكان للإستحمام. وكان قديما على صورة نافورة.

(وهذه السبل كانت معروفة وفقاً للتاريخ من قبل عصر رسالة القرءان)

إذاً معنى السبيل يدور حول الماء الذى يروى لهفة عطشان أو المنفعة.

فكيف نفهمه فى الأيات؟

فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً [النساء : 88]

من يضلل الله فلن تجد له سبيلاً: هو ضل الطريق ولن يصل إلى السبيل ( ليروى عطشه).

اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [التوبة : 9]

صدوا عن سبيل الله ، تقطعون السبيل ( العنكبوت 29) : يمنعون الناس أن تصل إلى السبيل فلا يرتون وينالهم الخير.

أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ [البقرة : 108]

ضل سواء السبيل: هو وصل بنفسه إلى سبيل الكفر وضل عن سبيل الإيمان.

تخيل أنك تصل إلى سبيل لا يخرج إلا كفراً!

وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا [الأحزاب : 67]

أضلوهم السبيل: تاهوا ولم يصلوا إلى السبيل ( منتهاهم هو الموت عطشاً ( أفيضوا علينا من الماء ، قالوا لهم أنه محرم على الكافرين).

وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [النحل : 9]

ومنها جائر ( الهاء تعود على إسم الجمع " السبل"): هناك سبل كثيرة جائرة ، كما أنه هناك سبل كثيرة راشدة.

يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [المائدة : 16]

سبيل الله : سبل كثيرة وكلها سبل السلام ، كل خير تفعله هو سبيل الله ، قد يكون صدقة أو مطعمة أو مشربة أو كلمة طيبة أو نصيحة أو ...أو...

ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل : 69]

النحل إتخذت من الجبال ومن الشجر ومما نعرش بيوتاً ، ثم أكلت من الثمرات ، وبعد ذلك؟ تسلك سبل ربها : تدخل فى سبل الله لتخرج من بطونها الشراب فتصبح سبل الله مملوءة بشراب مختلف ألوانه وفيه شفاء للناس. سبل ربها: هو أماكن إخراج الشراب أو العسل وتوفره فيها لمنفعة الناس.

وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [النحل : 15]

حركة التنفيس فى سبل تتم من الداخل إلى الخارج ، من مصدر الماء ( بئرا أو غيره) فيرفع أو يرتفع إلى أعلى ليكون فى متناول الناس.

السبل فى أية النحل 15 و فجاجا سبلا فى أية الأنبياء 31 ونوح 20 هى مصادر الماء المتمثلة فى العيون والينابيع والأبيار والبحار والمحيطات ، ووصفها بالفجاج يجعلها قاصرة على البحار والمحيطات ، السبل هى وصف لكل ماء أرضى أو ماء يخرج بالتنفيس من باطن الأرض إلى أعلى. وهذا خلاف الأنهار التى نعلم منبعها ومصبها ( الأنهار تنتج من تجمع ماء الأمطار فى الجبال فتكون بحيرات يتفرع منها النهر).

عابر السبيل: لأن السبيل مصدر لماء الشرب فقط فليس عليه حرج إن كان جنب أن يصلى ويعفى من الإغتسال.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء : 43]

إبن السبيل: هو من يعيش على المنفعة العامة ، من لا يملك بيتاً أو مصدر رزق.

الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 262]

إنفاق الأموال فى سبيل الله: وسبيل الله هو منفعة عامة للناس ولا يجد فيه الناس إلا الخير. اليوم تكاد سبل الله أن تعلن إفلاسها لبخل الناس ومن يبخل إنما يبخل عن نفسه. الذين يقولون إنما أوتيته على علم منهم ويقولون لو أراد الله أن يرزقهم لرزقهم، كلمات ستكون حسرات عليهم.

الجهاد فى سبيل الله: هو جهاد من أجل منفعة الناس والخير لهم.

الصراط المستقيم

الصراط المستقيم ،

هل هو صراط أم سراط أم زراط؟

فليرجع القارىء إلى التفاسير وما قالته فيها ونحن فى غنى عن ذكره حتى لا نشغل المساحة المتاحة،

المعجم تحت مادة " صرط" يُحيلنا إلى مادة " سرط" و"زرط" ، وقال " سرط اللقمة وزرطها بمعنى إبتلعها" وقال " الصراط هو الطريق الواضح" وبالسين والزاى لغة"..

سرط: السين للتنفيس والطاء حرف مرن يسهل تشكيله والراء لدوران الحركة بين السين والطاء. وهذا يناسب معنى البلع

وتجد اللسان يقول " والسَّرَطْراطُ، بفتح السين والراء: الفالُوذَجُ ( المهلبية) ، والمعنى أتى من سهولة ومرونة البلع.

ومنه " السرطان" الذى ينتشر فى مرونة بالتنفيس.

زرط: الزاى قِصة صوت يخرج فى مرونة وسلاسة ولا علاقة له بالطريق أو البلع.

صرط: الصاد للإحاطة وتحديد الحركة فى وجهة معينة لا تحيد عنها.

قد شرحنا فهمنا فى بحث سابق لكلمة " مصيطر" و " مسيطر" والفرق بينهما ، وفيما قلناه هو أن الرسول عليه السلام " ليس عليهم بمصيطر" وذلك لأنه لا عليه أن يجبرهم أو يرغمهم على الدخول فى حظيرة الإسلام أن يسيروا فى وجهة محددة، هو غير معنى إلا بالبلاغ المبين.

مجرى النهر أو شريط السكة الحديد = صراط

مجرى النهر أو شريط السكة الحديد ما هو إلا مجرى محدد يسير فيه القطار. أنت عندما تلعب بولنج تلقى بالكرة لتجرى على مجرى محدد وهذا كذلك صراط.

فى سباق العدو ، مضمار السباق يُعد " صراط" ،

الصراط: هو المجرى المحدد ، كان له أسوار أو لم يكن.

وهذا المجرى قد يكون مستقيم أو معوج وهناك من يتخذ حركته عليه فلا يحيد عنه وهناك من يسلك مجرى متعرج أو دائرى أو حتى يخرج عن هذا المجرى المحدد فلا يصل.

هناك مقولة ذكرتها التفاسير وهى تُمثل المعنى وإن إختلفت الطريقة ، فقالوا بأن الصراط هو طريق محاط بأسوار وفى هذه الأسوار أبواب وعلى المؤمن ألا يفتحها وإلا ضل وقالوا بأن الصراط هو " كتاب الله".

ماذا قال إبليس؟

قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف : 16]

إقعاد الصراط يكون بوضع عراقيل تعيق الحركة ، أنت عندما تعيق حركة القطار تقوم بوضع عراقيل أمام القطار فينكب بإنحرافه عن شريط السكة أو تغير فى إتجاه الفلنكات فينحرف القطار عن مساره ( ليغيرن خلق الله) أو نزع بعضها فيتوقف وينقلب.

القعود والقواعد تدل على توقف الحركة ومنها القواعد من النساء وهن اللاتى كُبر بهم العمر ولا يقدرون على الحركة.

والقواعد من البيت الحرام هى العراقيل التى تعيق الحركة فيه ورفعها يكون بتسوية الطرق وتمهيدها لتسهيل الحركة. بينما قواعد البيت بدون دخول حرف الجر " من" هى التى تحمل البيت فيكون راسخ لا يتحرك.

وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [المؤمنون : 74]

النكب عن الصراط: هو من خرج عن المجرى أو المسار المحدد من الله تعالى.

صراط الله مستقيم وكذلك " سوى":

قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى [طه : 135]

هو سوى فلا توجد مطبات أو عراقيل تعيق الحركة.

وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ [يس : 66]

الطمس على الأعين فلا تبصر وإن إستبق أصحابها الصراط فلن يصلوا حتماً إلى النهاية لأنهم سينحرفون ويحيدون عن المسار أو المجرى المحدد.

إستمسكوا بكتاب الله ، ولكم فى رسوله عليه السلام أسوة حسنة:

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الزخرف : 43]

زوجات النبى عليه السلام

زوجات النبى عليه السلام،

أية الأحزاب 50 تفصل بين ما أحله الله للنبى عليه السلام وما أحله لسائر المسلمين:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب : 50]

قد علمنا ما فرضنا عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم : هذه تبين أنه هناك أحكام مختلفة فى مسألة ملكت أيمانكم والأزواج،

أزواج البنى لا يجوز لهن الزواج من بعده خلاف النساء الأخريات،

والتى طلقها النبى مرتين فقد ردها إلى عصمته دون أن تنكح زوجاً غيره،

لهذا قالت الأية:" مما أفاء الله عليك" ، الذى أفاء عليه ما ملكت يمينه هو الله.

الفىء: ليس غنيمة حربية ، فهو لم يأتى من قتال وبالتالى لا أسر فيه:

وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الحشر : 6]

أهل القرى التى دانت للنبى عليه السلام دون قتال كانت تعطى النبى عليه السلام بإعتباره الحاكم :

مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر : 7]

الَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة : 226]

الذين يؤلون من نسائهم ( لم يعد لهم رغبة فيهن ) تربص أربع اشهر ( فترة لمراجعة النفس) فإن فاؤوا ( إن رجعوا وتحولوا عن موقفهم) ....

الله أحل للنبى ما ملكت يمينه ( من رجعت إلى يمينه أو عصمته بعد الطلاق مرتين) وذلك كان فىء من الله على نبيه.

لا مكان هنا للحديث عن أسيرات أو عبدات مملوكات أو ما يسمونه
جوارى .

والقرءان بين جلياً حكم الأسرى وهو إما المن ( التسريح بلا مقابل) أو الفداء ، هذا يعنى أننا لا نتخذ الأسرى عبيد فنتملكهم:

فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ [محمد : 4]

بل وأمرنا بإطعام الأسير دون مقابل، لا نطعمه كأجر له مقابل عمل يؤديه لنا أو أنه لا إستغلال للأسير فى أية أعمال.

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً [الإنسان : 8]

لم يثبت التاريخ أن النبى عليه السلام كان يشترى أو يتاجر فى العبيد ولا حتى من تبعه ومنهم من كان يشترى العبيد المملوك الذى أسلم ليعتقه.
ولا إستعباد للأسرى فى القرءان، وكل من هاجر ترك دياره وأمواله. فمن أين أتت الجوارى؟ لا وجود لها.

وإمرأة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها: يستنكها تعنى أنه ينكحها رجل أخر أو نفسه ، لأن وهب إمرأة نفسها له يجعل منه عليه السلام من بيده عقدة نكاحها أو ولى أمرها. وهذا الوهب لا يجوز لأحد غيره. بمعنى أنه لا يصح أن تأتى إمرأة لرجل وتهب له نفسها ، فلا نكاح إلى بعقد وحضور من بيده عقدة النكاح أو ولى الأمر.

وكذلك النبى عليه السلام ولى أمر بنات عمه وعماته وخاله وخالاته اللاتى هاجرن معه ويحل له أن ينكحهن دون إذن ولى أمرهن. وهذه حالة خاصة له عليه السلام. وهن جميعا عند الهجرة لم يكن متزوجات وإلا لما أحلهن الله له. فليراجع القارىء التاريخ ويعرضه على الأية ليتبن صدقه أو كذبه،

هناك بنات عمه ( عم واحد) ، بنات عماته ، بنات خال ( خال واحد) وهذه تطرح سؤال أين كان يسكن خال النبى؟ وبنات خالاتك.

من هؤلاء اللاتى أسلمن وهاجرن معه ولم يكن معهن الأباء أو إخوتهن من الرجال؟

إستعباد الأسرى بدأ فى العصر العباسى وما تلاه من العصور ، عصر الرسالة لم يكن فيه إستعباد للأسرى ولا جوارى.

التاريخ يقول بأن النبى عليه السلام أراد تطليق حفصة بنت عمر ويقص التاريخ أن ملاك أتى للنبى عليه السلام قائلا أنها صوامه وقوامه فلا يطلقها ، فهل صدق التاريخ؟

ولا تهمنا الأسماء كثيرا ولكن الأهم أنه هناك من طلقها النبى مرتين ثم رجعت إلى عصمته أو يمينه. ( ملكت يمينك : الملكية هنا ليمين الطلاق).

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) المؤمنون

ملكت أيمانهم فى الأية إما تكون التى تم العقد عليها ولم يدخل بها بعد فهى ملك يمين ولا تسمى زوج بعد ، أو تلك التى طلقها الرجل وأرجعها إلى عصمته.

ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء

ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء،

فى قراءة جديدة للأية نركز على قوله تعالى " ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين كلهن" ،

هذه الجزئية من الأية نتيجة وسبب لما قبلها " ترجى من تشاء منهن ..."

بمعنى أن الأية أتت بحكم وغايته هو إرضاء نساء النبى ، وعليه لا يكون هناك إرضاء وأن تقر أعينهن ولا يحزن إن كان تنظيم دور من تبات عنده عليه السلام نابع منه هو نفسه. ولكن الرغبة تُركت لأزواجه، من تريد أن تأوى إليه أو تؤخر ذلك فهذا متروك لها هى.

ترجى من تشاء منهن: المشيئة هنا تعود عليهن هن ولا تعود على النبى عليه السلام.

ترجى التى تشاء منهن وتؤوى إليك التى تشاء ......

تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً [الأحزاب : 51]

ومن إبتغيت ممن عزلت فلا جناح عليه: نقول ما قاله أبو مسلم الأصفهانى فيها وهو أن الأية تعنى بالعزل الطلاق ، وهو عزل عند البنى وليس طلاق لأنه عليه السلام لا يخضع لقانون الطلاق مرتين ، إن طلق فله أن يردها بدون عقد جديد وبدون أن تنكح زوجا غيره.

ولهذا يسمى الطلاق هنا بالعزل.

كيف نقرأ أية

كيف نقرأ أية،

،،ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ،،

نسأل كم المسافة بين جبل والأخر،

ونسأل كم يبلغ مدى صوت الإنسان،

ونسأل أين يقف خليل الله من الجبال الأربعة ليصل صوته إليها جميعاً،

ونسأل هل البرهان فى تجميع أجزاء ممزقة ومختلطة أم فى إسماع الموتى ،

إن كان البرهان هو تجميع أجزاء ممزقة ألم يكن يكفى أن يؤمر عليه السلام بأن ينادى عليها دون وضعها على الجبال،

وإن كان المطلوب هو إسماع الموتى ألم يكن يكفى أن يأتى بطير ميت وينادى عليه،

ونسأل هل يرى إبراهيم عليه السلام كيف تتجمع هذه الأجزاء الممزقة مع بعضها البعض لتعود إلى الحياة وهو يقف بعيدا عنها وعلى مسافة تمكنه من إيصال صوته إليها،

بالطبع لن يراها إلا إذا كان يمكنه النظر فى وقت واحد فى إتجهات متعددة ومتباعدة.

ونخلص بالتالى:

جغرافية المكان المتواجد فيه إبراهيم عليه السلام تحدد وفقاً للمسافات بين الجبال وهو فى الأرض التى باركنا فيها، نفهم أنه هناك تكتلات جبلية كثيرة تكاد أن تكون متلاصقة أو قريبة من بعضها البعض حيث كان يسكن،

فصرهن إليك :

إليك توحى بالضم والتقريب ولا توحى بأى حال بالتتمزيق، والصر ومنه الصرة لا يدل إلا على الجمع.

نفهم من هنا لماذا ينادى عليها بعد تفريقها على الجبال، وذلك لأنها حية ولم تمزق وما فعله أو كان عليه أن يفعله ما هو إلا إطعامها وتربيتها لترتبط به. ونفهم أن الجزء من الأربعة يساوى واحد.

ونفهم أن الطير ليس من ذوات الأجنحة التى يمكنها الطيران لوجود إحتمالية أنها تغادر مكانها قبل أن يتم وضع كل منها على جبل من الجبال، فتكون طيور داجنة.

وفوق كل ذلك لا تخبرنا الأية إن كان إبراهيم عليه السلام قام بالتجربة أم لا، وأنه هناك إحتمال كبير أنه فهم المغزى ولم يقم بالتجربة وخاصة لأن الأية لا تذكر لنا تعليقه على نجاح التجربة مقارنة بقصة الذى مر على قرية ميتة وقال أنى يحيى الله هذه،

ونقرأ فى القرءان كيفية إحياء الله الموتى:

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً [الإسراء : 52]

.................................

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة : 260]

الاثنين، 5 مايو 2014

سليمان عليه السلام والريح العاصف

سليمان عليه السلام والريح العاصف،

قصة ألف ليلة وليلة كما جاءت فى التفاسير تقول :" عن سعيد

بن جبير قال: كان يوضع لسليمان ستمائة ألف كرسي,

فيجلس مما يليه مؤمنو الإنس, ثم يجلس من ورائهم مؤمنو

الجن, ثم يأمر الطير فتظلهم, ثم يأمر الريح فتحمله صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله بن عبيد بن عمير: كان سليمان يأمر

الريح فتجتمع كالطود العظيم كالجبل, ثم يأمر بفراشه فيوضع

على أعلى مكان منها, ثم يدعو بفرس من ذوا
ت الأجنحة

فيرتفع حتى يصعد على فراشه, ثم يأمر الريح فترتفع به كل

شرف دون السماء, وهو مطأطىء رأسه ما يلتفت يميناً ولا

شمالاً, تعظيماً لله عز وجل, وشكراً لما يعلم من صغر ما هو فيه

في ملك الله عز وجل, حتى تضعه الريح حيث شاء أن تضعه.

المصدر إبن كثير

وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا

وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ [الأنبياء : 81]

التفاسير قالت فى " أسلنا له عين القطر" :

وقيل لعكرمة: إلى أين سالت؟ فقال: لا أدري! وقال ابن عباس

ومجاهد والسدي: أجريت له عين الصفر ثلاثة أيام بلياليهن"

القرطبى

أسلنا له: تعنى طبعاً جعلناه سائل ، وهم فهموها على أنها

سالت بمعنى جرت كما يسيل الدمع من العين وهو جريانه منها. ولله فى خلقه شؤون.

نرجع إلى ما ذكروه عن الريح عاصفة ، ونسأل ما حاجة سليمان

عليه السلام للريح كى تحمله وعنده الجن الشبحى الذى منه

عفريت يمكنه أن يأتى بعرش سبأ قبل أن يقوم من مجلسه ( وفقا لفهمهم) ؟ بل وما حاجة الجن نفسها أن تُحمل على

الريح؟

وما هذا الفرس من ذوات الأجنحة؟ أين وكيف ومتى؟

وكيف كان سليمان عليه السلام يصعد أعلى الريح؟ هو أو

الفرس وحاشيته؟ هل يمشون فى الهواء؟ هو مثل ركوب الهواء

....

غدوها شهر: قالوا أنها تقطع فى يوم ما يقطعه المسرع فى

شهر ، بينما الأية تقول أنها تغدوا هى نفسها شهر ولا تقل أنها

تغدوا كمن يغدو شهر أو ما شابهه.

وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ

الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ

عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ [سبأ : 12]

فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ [صـ : 36]

الريح عاصفة: العصف يدل على قوة وشدة دفع وسرعة إنتشار.

مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ

عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ

[إبراهيم : 18]

رخاء حيث أصاب: هنا سرعة مع لين وقالوا هم بذلك.

غدوها شهر ورواحها شهر: الرواح من المرواح والراحة ، ومنه

مراح الماشية والغنم وهو مكان مبيتها.

سليمان عليه السلام شغلته الصافنات الجياد عن الصلاة وكانت

له فتنة وبعده أناب وسأل الله أنيهبه ملكاً لاينبغى لأأحد من

بعده ، وما بعد السؤال أية لا تقول " فإستجبنا له" ولكنها قالت

" فسخرنا له الريح" وهنا لا يتضح إن كان جزئية " لا ينبغى

لأحد من بعدى" أستجيبت أم لا.

ما علاقة فتنة الخيل ووهبه الريح؟

الخيل كانت وسيلة حربية تحمل الفرسان وكذلك عتاد الحرب،

وكان فى نفس سليمان عليه السلام منها شىء بعد الفتنة

وأراد أن يهبه الله قوة وسرعة أكبر لينجز مهامه بطريقة أسرع

وأقوى. وهو أبقى على الخيل ولم يقتلها كما زعموا ( فطفق

مسحا بالسوق والأعناق: ما يفعله راعى الخيل بأن يمسح

بيده سوق وعنق الخيل).

فى الحضارة الأشورية يوجد ما أسموه " أداد" وهو إله الريح

والبرق والرعد ورمزوا له بالثور. فما علاقة الثور بالريح؟

الثور البرى وهو كان يتوفر فى شمال غرب العراق يمتاز بسرعة

وقوة وإندفاع شديد ، وقد سخره الله لسليمان بأن ذلله له،

تمكن سليمان عليه السلام من توليف الثيران البرية وهى قوة

جبارة لحمل العتاد الحربى وقوة جبارة لسحق الأعداء.

غدوها شهر ورواحها شهر: كانت تعمل شهر وترتاح فى مراحها

شهر.

جريانها إلى الأرض المباركة ( الأرض الحرام) إما كوسيلة نقل له

لتصل به إليها وربما كان يذبح بعضها كذلك لإطعام الناس فى

الكعبة البيت الحرام.

رخاءً حيث أصاب: كلمة " أصاب" تعنى إلحاق الشر بمن تصيبه

وهذه فى حالة الحروب:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى

الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ

فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ

يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ [النور : 43]

ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا

أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [النمل : 37]

جنود لا قبل لهم بها: هو يعلم ما يتكلم به ، ومن يصمد أمام

جند عتاده من الثيران البرية التى تفتك وتحطم.

الأرض المقدسة؟

الأرض المقدسة؟

قدس: القاف والدال تدل على قطع طولى فى الشىء ويعطى

معنى التفريق ومنه الإشتقاق " كنا طرائق قدداً"،


والدال والسين تدل على دخول شىء فى شىء،

قادس الساقية يعمل بهذه الطريقة، إذا يقطع ماء البئر من أعلى

إلى أسفل ( طولا) ويغيب فى الماء ( دس) ويخرج محملاً بالماء منه.


وقادس المراكب أو السفن قديما يعمل بذات الطريقة وإن

إختلفت النتيجة، وهو صفوف من المجاديف التى تعمل كألية

دفع للمركبة وذلك بح
ركتها داخل الماء.

هم قالول بأن " القدوس" تعنى الطاهر المنزه من العيوب

والنقائص، وهذا ما قالوه كذلك فى معنى التسبيح، بينما نجد

الأية الكريمة تجمع بين الكلمتين ، مما نفهم معه إختلافهما:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ

فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ

وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة : 30]

نجد فى اللسان:

"والقَدَس، بالتحريك: السَّطْل بلغة أَهل الحجاز لأَنه يتطهر

فيه"

وذكر العباب الزاخر ( معجم) :

"وقيل: مَرَّ إبراهيم -صلوات الله عليه- بالقادِسِيَّة فوَجَدَ هُناكَ

عَجوزاً، فَغَسَلَتْ رَأْسَه، فقال: قُدِّسْتِ من أرْضٍ، فَسُمِّيَت

القادِسِيَّة"

المعنى يدور حول الماء ، لذلك إستنبطوا منه معنى " الطهارة"

والتى هى نتيجة أو من عمل الماء.

ولذلك ذكر السان أن القدس هى الأرض المرتفعة الصالحة

للزراعة ( لتوافر الماء فيها) ، وقالوا أن الأرض المقدسة هى

الشام وجعلها الفراء فى فلسطين دمشق وبعض الأردن.

وقالوا أن الأرض المقدسة هى المباركة.

إسم الله " القدوس" أتى مرتين فى القرءان وسبقه إسمه "

الملك" ،

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ

الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الجمعة : 1]

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ

الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ

[الحشر : 23]

والملائكة تقدس لله كما فى البقرة 30 ،

نقدس لك: لو أخذنا حركة القادس وعمله يمكننا القول بأن

الملائكة هى التى تُخرج الماء وهى التى تدفع المركب ،

والمعنى هو أن الملائكة تقوم بأعمال تسيير الكون بأمر الله.

والقدوس: هو منبع أو مصدر الماء ( الحياة) وهو منبع وباعث

الحركة ، المعنى كما نفهمه هو أن القدوس: باعث الحياة

ومحرك الأشياء ، بدونه لا يتحرك شىء قيد أنملة ، لهذا أتى

إسم " الملك" سابقاً للقدوس لأن الملك هو الذى يعطى الأوامر وبأمره تتم الأشياء وهذا يكون من إسم القدوس.

الأرض المقدسة: هى المباركة المليئة بالماء الصالحة للحياة

النباتية والإنسانية، كمثال الشام كما قالوا.

وهناك قرى كثيرة بارك الله فيها ولكن ليست كلها مقدسة.

والفرق بينها وبين الأرض المقدسة هو أن الأرض المقدسى

علاوة على تلك الصفات ملجأ لكل خائف ومطعم لكل جائع.

السقف المرفوع؟

السقف المرفوع؟

وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ

الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) الطور


سلسلة جبال لبنان الغربية يقال عليها بالسريانية : بالسريانية:

ܛܘܪ ܠܒܢܢطور لِبنون، وهذا يعنى طور لبنان، وقد عرضنا من قبل

لمعنى الطور وإنتهينا إلى أنه السلسلة الجبلية.


البحر المسجور: هناك بحث فيها على الصفحة وتعنى البحر

الميت أو 
البحر الذى لا يحتفظ بما داخله من حياة بحرية، يلفظ

كل ما يدخل إليه.

السقف المرفوع: سقف الشام هو أعلى قمة جبلية فيها وهى

القرنة السوداء

لا نقول السماء هى السقف المرفوع لأن السياق يتناول أماكن

جغرافية على سطح الأرض.

البيت المعمور:

عمر (مقاييس اللغة)

العين والميم والراء أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على بقاءٍ

وامتداد زمان، والآخر على شيءٍ يعلو، من صوتٍ أو غيره.فالأوّل

العُمْر وهو الحياة، وهو العَمْر أيضاً.

وحتى لا نخوض فى معانى الحروف يكفى القول بأن البيت

المعمور هو البيت الحرام الذى يعتمر إليه الناس فيعمروه:

إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ

جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ

[البقرة : 158]

تسبيح الجبال والطير مع داود عليه السلام


تسبيح الجبال والطير مع داود عليه السلام،

الرواية الخرافية تقول وفقاً لما جاء فى إبن كثير:" وقوله: {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن

والطير} الاَية, وذلك لطيب صوته بتلاوة كتابه الزبور, وكان إذا ترنم به تقف الطير في الهواء

فتجاوبه, وترد عليه الجب
ال تأويباً"

فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ

[الأنبياء : 79]

الأيات تقول " معه" يسبحن و " معه" أوبى للجبال ، وهذا لا نفهمه على أنها ترد عليه أو تجاوبه

أو حتى كما قالوا " تُرجع" ما يتلوه أو تسبيحه.

" معه" تعنى أنها تشاركه ذات الفعل ، فهو يسبح وهى تسبح معه ، هو أواب وهى أوابة معه.

قد جاء وصف نبى الله دواود عليه السلام أنه " أواب":

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ [صـ : 17]

ولمعنى " أواب" ذكر لسان العرب نقلاً عن التفاسير :" . قال أَبو بكر: في قولهم رجلٌ أَوَّابٌ سبعةُ

أَقوال: قال قوم: الأَوّابُ الراحِمُ؛ وقال قوم: الأَوّابُ التائِبُ؛ وقال سعيد بن جُبَيْر: الأَوّابُ الـمُسَّبِّحُ؛

وقال ابن المسيب: الأَوّابُ الذي يُذنِبُ ثم يَتُوب ثم يُذنِبُ ثم يتوبُ، وقال قَتادةُ: الأَوّابُ الـمُطيعُ؛ وقال عُبَيد بن عُمَيْر: الأَوّاب الذي يَذْكر ذَنْبَه في الخَلاءِ، فيَسْتَغْفِرُ اللّهَ منه، وقال أَهل اللغة: الأَوّابُ

الرَّجَّاعُ الذي يَرْجِعُ إِلى التَّوْبةِ والطاعةِ".

ومن هؤلاء القوم وأيهم الأصوب؟

نلاحظ أن الجبال تفردت بالتسبيح معه بالعشى والإشراق ( لم تذكر الطير هنا):

إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)

ونلاحظ كذلك أنه فى حالة الطير قالت الأية " وكل له أواب" ، "له" وليس " معه" كما مع الجبال،

بل والجبال أوابة كذلك مع الطير. المعنى أن الطير أوابة له هو ، والجبال أوابه معه هو ومع الطير:

وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ [صـ : 19]

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ [سبأ : 10]

ونفرق كذلك بين سخرنا " معه" وسخرنا " له" ،

سخرنا له: تعنى أن حركتها من ذاتها ( بأمر الله) ولا تتوقف على حركته هو نفسه،

سخرنا معه: تعنى أن حركتها متوقفة على حركته هو، كلما تحرك أو فعل تشاركه الحركة أو الفعل نفسه.

الشمس والقمر سخرها الله " لنا" ، حركة الشمس فى فلكها وضياء الشمس ونور القمر وحرارة

الشمس لا أمر لنا فيه ، بل حركتنا نحن مقيدة بحركة الشمس والقمر.

التسخير سواء كان لنا أو معنا فيه إستفادة لنا من المُسخر، والفارق هو فى عمل المسخر إن

كان وفقاً لأمرنا أو كونه حركة طبيعية ذاتية فيه.

نصل إلى أن الجبال والطير تأخذ أمرها مباشرة من داود عليه السلام لتشاركه التسبيح.

" ما جاء فى كتب التفسير من أن الجبال تسير معه أو تُرجع تسبيحه فهذه أفكار خرافية ومن

قالها كان عاجز عن بيانها لأنه إصطدم بقوله تعالى " وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ

تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ" ولم تقل لنا الأيات أن داود عليه السلام يعلم لغة الجبال، هذا إن كان لها

لساناً تنطق به أو حتى تعقل! ولن نعلق على كونها تسير معه."

نتابع مع الأيات:

ما معنى " الأوٌاب" ؟

رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً [الإسراء : 25]

قالت المعاجم :

اللسان: والتَّأْوِيبُ: أَن يَسِيرَ النهارَ أَجمع ويَنْزِلَ الليل.

وقيل: هو تَباري الرِّكابِ في السَّير

والأَوْبُ: سُرْعةُ تَقْلِيبِ اليَدَيْن والرجلين في السَّيْر

وفي حديث أنس، رضي اللّه عنه: فَآبَ إِلَيهِ ناسٌ أَي جاؤُوا إِليه من كل ناحيَةٍ.

وجاؤُوا مِنْ كُلّ أَوْبٍ أَي من كل طَرِيقٍ ووجْهٍ وناحيةٍ.

التهذيب: والوَبُّ: التَّهَيُّؤ للحَمْلةِ في الحَرْبِ، يقال: هَبَّ ووَبَّ إِذا تَهَيَّأَ للحَمْلةِ. قال أَبو منصور:

والأَصل فيه أَبَّ فقُلبت الهمزة واواً

القاموس المحيط:

الأبُّ (القاموس المحيط)

وأبَّ للسَّيْرِ يَئِبُّ ويَؤُبُّ أَبَّاً وأَبِيباً وأَبَاباً وأَبَاباً وأَبَابَةً: تَهَيَّأَ، كَائْتَبَّ،
و~ إلى وطَنِهِ أَبّاً وإِبَابَةً وأَبَابَةً: اشْتاقَ،

و~ يَدَهُ إلى سَيْفِه: رَدَّها لِيَسُلَّهُ.

وهو في أَبَابِه: في جِهَازِهِ.

وأَبَّ أبَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه.

وأبَّتْ أبابته ويُكْسَرُ اسْتَقامَتْ طَريقَتُهُ والأباب الماءُ والسَرابُ وبالضَمِّ مُعْظَمُ السَّيلِ وأَبَّ: هَزَمَ

بِحَمْلَةٍ لا مَكْذُوبَةَ فيها،
و~ الشيءَ: حَرَّكَهُ.

وذكر القاموس المحيط :

"والأَوْبُ:
السحابُ، والريحُ، والسُّرْعَةُ، وَرَجْعُ القَوائمِ في السَّيْرِ، والقَصْدُ، والعادَةُ، والاسْتِقَامَةُ، والنَّحْلُ،

والطريقُ، والجهَةُ، وورُودُ الماءِ لَيْلاً".

بعد هذه الجولة مع المعجم نحاول تبين معنى " الأوب"،

لماذا قالوا عن النحل والسحاب انها من معانى " الأوب"؟

أوب: الألف حركة تبدأ وتتحرك إلى مكان ( الواو) فتمتلىء بالباء ولأن الواو وسط بين الألف والباء (

وسط الكلمة عموما) تعود الحركة إلى أصلها ، بمعنى الحركة المتلئة ترجع إلى مبتدأها. وهذا

يصف بدقة النحل والسحاب، النحل يغادر الخلية يتحرك إلى الزهور فيملىء بطنه ويرجع إلى

خليته ، وقطرات الماء تتبخرفيينشأ السحاب الثقال فينزل منها الماء ليعود إلى مبتدأه وهكذا.

داود عليهم السلام وسليمان وأيوب كانوا " أوابين" لأنهم لزموا الطاعة لله وعملهم كان مثل النحل

أو السحاب، الإمتلاء عندهم كان من خشية الله وحركتهم كانت قصداً إلى الله،

مثل النهر الذى يجرى وجريانه ينتهى فى مصب الله.

نشرح ما فهمناه أكثر،

هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ق

الأواب شرحتها لنا الأية التالية لها، خشية الله وقلب منيب ( سليم ولزم الطاعة).

وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ [الرعد : 36]

وإليه مئاب : إليه القصد والمنتهى من عملى

هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ [صـ : 49]
هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ [صـ : 55]

أنا وأنت فى حياتنا الدنيا نعمل مثل النحل، من يمتص رحيق الزهور الطيبة ( العمل الصالح)

ويملىء بطنه منه ( كتابه) ويرجع إلى ربه الذى فطره وتجد عملك الذى عملته محضرا معك

سيكون الناتج حتماً عسلاً وإن إختلفت درجة نقاءه من إنسان إلى أخر،

وأما من ضل طريق الزهور الطيبة ونزع إلى الخبيثة ثم يرجع إلى ربه سيجد والعياذ بالله حميماً

وغساقاً. المآب هو المصب النهائى.

من المعانى الجميلة التى ذكرها اللسان :" ومَآبةُ البِئْر: مثل مَباءَتِها، حيث يَجْتَمِع إِليه الماءُ

فيها".

الأوب: هو التهيؤ والتجهز إلى غاية وقصد والعودة إلى نقطة البدء.

الأواب: هو من إمتلىء قلبه خشية وطاعة لله، أو من جهز نفسه وهيأها لطاعة الله ولزمها (

الطاعة).

ومن صفات الأواب اللازمة له أنه حفيظ ، يحفظ أوبته أو ما جهزه وهيأ نفسه له مستقيماً على الطريقة.

نتابع مع شروح الكلمات:

الطير محشرة:

الحشر: هو جمع و تحديد حركة ومنه حشر الإبل وكذلك يوم الحشر ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً )
ونقول " الحشرة" لدقة ومحدودية حجمها.

طير (مقاييس اللغة)

الطاء والياء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة الشَّيءِ في الهواءِ.ثمَّ يستعار ذلك في غيرِهِ وفي كلِّ سُرع

جبل: الجيم للتعاظم والباء واللام للإمتلاء المتصل أو للغلظة ،

اللسان:

وثوب جيد الجِبلة: أى جيد الغزل والفتل

ورجل جَبْل الوجه: غليظ بشرة الوجه

ويقال رجل جَبَل من الجبال إذا كان عزيزاً

إنتهى

وقوله تعالى " وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ [يس : 62]

جبلا كثيراَ: هم غلاظ الإحساس ( المدلول المعنوى لجبل) ولا تعنى الجماعة من الناس كما قالوا. وهذه الكلمة تُستعمل فى اللسان المصرى لكل من هو عديم الإحساس أو غليظه الذى لا يؤثر فيه شيىء .

الله ألان لداود عليه السلام الحديد وشدً ملكه، والعمل فى الحديد يتطلب رجالاً اشداء غلاظ وخاصة ونحن فى عصر تنعدم فيه الألة التى تجعلها شيئاً يسير،

والجبال هى وصف لكل ما هو متعاظم وممتلىء ، قد يكون جبال الرمال والحجارة أو جبال من بَرَد

( السحاب المحمل بالماء) أو تكون وصف لرجال غلاظ اشداء.

وهذا ما يحتاجه داود عليه السلام فى إستخراج وتصنيع الحديد من الجبال أو قشرة الأرض أو

أماكن تواجده وهو يحتاجهم فى حروبه كقادة أشداء لا يهابون العدو ( راجع أعلاها معنى الوب

وهو التجهز للحرب أو التعبئة العامة للجند)..

وهؤلاء الرجال الغلاظ كانت حركتهم مرتبطة كلية مع داود عليه السلام ، هم بالنهار يعملون معه

فى صناعة الحديد ( الأسلحة وغيرها) وفى تجهيز وإعداد الجند وأطراف النهار معه فى الصلاة (

بالعشى والإشراق) ، الطير لم تذكر فى أية التسبيح بالعشى والإشراق..

الطير تعمل هى الأخرى وعملها يبدأ مع الإشراق وتوب " إليه" بالعشى ، العودة بالعشى من

المعانى التى ذكروها وأراها فى هذا السياق هنا صحيحة المعنى..

هى محشورة فى مرابضها وتطير لإنجاز مهمة حربية وبعدها هى أوابة له ، تقصده وترجع إليه.

الطير هنا هى الخيل.

عُلمنا منطق الطير: ترويض الخيل وأستخدامها فى القتال.
تفقد الطير: سلاح الفرسان

تسبيح الجبال والطير: هو عملها معه لإنجاز مهام محددة.

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ [سبأ : 10]

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ

بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) ص

فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ

[الأنبياء : 79]

وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ

الْمُبِينُ [النمل : 16

عفريت من الجن


قال عفريت من الجن ........وإنى عليه لقوى أمين،

لا خلاف على الذى أتى به قبل أن يرتد إليه طرفه أنه من

الناس ولم يكن جنى شبحى،


وهذا العفريت من الجن الشبحى قال " أنه عليه قوى أمين"

والسؤال هنا عن مدى قوة الجن الشبحى؟ هل قوته تقاس

بقوة الإنسان
؟ أو ما حجم ما يمكن لعفريت الجن أن يحمله؟

من يسلم بالجن الشبحى وأنه يقوم بالأفعال الخارقة الجبارة لا

أظنه يشغله إن كان العفريت يقدر على حمل كرسى العرش أو

حتى العرش كله بمدنه ونجوعه. ولا يشغل العفريت نفسه أن

يؤكد قوته على حمله.

فى لسان العرب :" وقال الزجاج: العِفْرِيت من الرجال النافذُ في

الأَمر المبالغ فيه مع خُبْثٍ ودَهاءٍ" وما قاله الزجاج فهمه لعفريت

فى الأية الكريمة.

ونستخدمها فى حياتنا اليومية للدلالة على من يقوم بفعل

بدهاء وخفة ولا يقدر عليه الأخرون.

والجن هم الكبراء من الجند والصناع وغيرهم ، وهذا العفريت

من أمهرهم ،

هو على العرش قوى وأمين ، قوى ليبرهن بها على قوته فى

الإستيلاء على العرش وإخضاعه لحكم سليمان عليه السلام ،

وهو أمين فلا يخون أو يستقل بالعرش لنفسه.

هذا العفريت أراد أن ينجز مخطط الإستيلاء على عرش ملكة

سبأ قبل أن يقوم سليمان عليه السلام من مجلسه ، وذلك

بعمل مُجسم أو خريطة مجسمه يشرح بها كيفية الإستيلاء

على العرش.

أو حتى قوى وأمين فيصنع مثل كرسى عرشها فلا يترك شاردة

أو واردة وتكون الأمانة تدليلا على دقة الصنع والقوة دلالة على

أنه سيصنعه ويحمله بنفسه من مكان تصنيعه إلى مجلس

سليمان عليه السلام.

الحقيقة ، لا أقف كثيراً عند ماهية العرش ولهذا لا أحسم كون

المقصود بالعرش هو كرسى العرش أو رسم مجسم للمملكة

يبين مداخلها ودواخلها من مواقع مهمة للجند.

وتنكير العرش هو كما يفهمه الكل على أنه إحداث تغيير فيه

بإضافة شىء إليه أو إنقاصه منه.

أما القول بأن سليمان عليه السلام أراد سرقة كرسى العرش

قبل أن يسلموا لأنه محرم الإستيلاء على أموال المسلمين (

ولهذا قال :" قبل أن يأتونى مسلمين) فهذا إيذاء لنبى الله ،

لأنه محرم علينا الإستيلاء دون وجه حق أو فى حالة عدم

الحرب على مخصصات الأخرين سواء أسلموا أو كانوا من

الكافرين.

قبل أن يأتونى مسلمين : يبدو أن سليمان الحكيم علم بقدوم

الملكة إليه وكان واثقاً من إسلامها، وهو أراد من قصة العرش

إختبار ذكاء الملكة وإظهار ما تتمتع به مملكته من مهارة

الصنعة.

وكان ردها ينم على ذكاء منها لقولها " كأنه هو" لأنها أدركت

بسرعة الفرق بين الأصل وبين الصورة المنكرة. هذه مثل لعبة "

حاول أن تجد الإختلاف بين الصورتين".

ولما دخلت الصرح ( أظنه برج بابل) ، الصرح كما عرفه المعجم

هو بناء مرتفع يصل إلى السماء ولا يحيط به مبانى أخرى وهذا

لا ينطبق إلا على برج بابل.

لسان العرب: "والصَّرْحُ بيت واحد يُبْنى منفرداً ضَخْماً طويلاً في

السماء"

عرش سبأ

أنا آتيك به ( عرش سبأ) قبل أن يرتد إليك طرفك،

التفاسير إتفقت والحمد لله على أن المتكلم من الإنس ولله الحمد على ذلك،

وقالوا أنه من بنى إسرائيل وأنه علم إسم الله الأعظم الذى إن دعاه أحد به أجاب دعاءه( علم من

الكتاب) فدعا الله به وإستجاب له الله وأحضر له العرش، يعنى الرجل لم يحضره بنفسه.


وقالوا أنه دعا الله ب " يا ذا الجلال والإكرام" وفى قول أخر " يا إلهنا وإله كلّ شيء إلها واحدا, لا

إله إلا أنت, 
ائتنـي بعرشها" ولمن يريد يراجع تفسير الطبرى وإبن كثير.

وهل إن دعونا الله كذلك بالعبارات التى ذكروها يستجيب لنا ويحقق لنا ما نريده؟ الإجابة تُبطل

هذا الإدعاء وتدحضه.

ومما ذكره إبن كثير عن هذا الرجل :قال ابن عباس وهو آصف كاتب سليمان, وكذا روى محمد بن

إسحاق عن يزيد بن رومان أنه آصف بن برخياء" يعلم إسم الله الأعظم.

لماذا كاتب سليمان؟

والتفاسير لم تشرح لنا " ماهية هذا الكتاب" ،

بالرجوع إلى الأيات لا نجد إلا ذكراً للكتاب الذى أرسله سليمان عليه السلام مع الهدهد، وبتعريف

الكتاب فى الأية التى نحن بصددها نفهم أن المقصود كتاب معروف ومحدد وهو ما قد تم ذكره من قبل.

نقول أن هذا الرجل الذى هو من الملإ وقد يكون من كبراء الصناع أو قادة الجيوش قد علم بأمر

كتاب سليمان عليه السلام الذى أرسله مع الهدهد وعلم نية سليمان عليه السلام لدخول أرض

سبأ وإخضاع الملكة تحت حكمه أو أن يسلموا له. ولهذا قد قام بعمل مُجسم لمملكة سبأ (

تماثيل) إستعداداً للمعركة وكان عنده وقت كافى ( شهرين أو أكثر وهى مدة ذهاب رسول

سليمان عليه السلام وعودته).

وحتماً هذا الرجل ( هكذا نفهم) علم من الهدهد الوصف التفصيلى لمملكة سبأ.

يعنى أن الذى عنده علم من الكتاب كان جاهزاً بالعرش ولعل هذا الرسم كان فى أحد الغرف

القريبة من مجلس سليمان عليه السلام.

نفهم الإتيان بالعرش هو خريطة مجسمة لأنحاء المملكة تساعد على وضع خطة الدخول إلى

المملكة ، ومن يفهمها على أنه صنع نسخة مطابقة لكرسى العرش فلا مانع عنه.

قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ

بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ

بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ

وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) النمل

هدهد سليمان

هدهد سليمان عليه السلام،

السؤال الشاغل ، هل هو هدهد بجناحين أمماذا؟

تقول الأية:

اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ

(28) النمل


وقالت ملكة سبأ فى الأية:

قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ

سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ

وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)

الأمر للهدهد كان أن يلقى إليهم وقالت الملكة أنه ألقى إليها

كتاب كريم ،

ولم يكن " ألقيه عليهم" وهناك فرق بينهما،

فى حالة ألقى إلى يعنى أنه قرأه عليها ، ألقى إلى تأتى

للدلالة على إلقاء كلام ،

ومنها: .." وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً .."

النساء 94

ألقى على تأتى لشىء ملموس ومنها:

فألقوه على وحه أبى ( القميص) يوسف ، ألقيت عليك محبة

منى ، طه 39

لو كان الهدهد من ذوات الأجنحة لكان " ألقى عليهم الكتاب"

بمعنى أنه رماه عليهم.

ولأنه ألقاه إليهم وسمعته الملكة وهو يلقى يعنى أن الملكة

فهمت لغة حديثه لما يلقيه عليها ، فهل هى كذلك تعلم

صوصوة الطير؟

قالت الملكة:

وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)

وبعدها جاء القول:

فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا

آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ

لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)

الملكة أرسلت رسلها محملين بالهداية وهذا نفهمه من الأية

35 ، ولكن الأية 36 تتكلم عن مفرد " فلما جاء سليمان" وتلاها "

إرجع إليهم" ، من المعنى بالقول؟ المعنى هو الهدهد لأنه هو

من كان ينتظره سليمان عليه السلام بالرد على كتابه، وهو من

سيرجع إليهم برسالة جديدة مفادها أنه سيأتيهم ( سليمان)

بجنود لا قبل لهم بها.

معنى ذلك أن الهدهد قد أتى فى صحبة رسل الملكة المحملة

بالهداية ، فكيف تمكنت الملكة من إفهام الهدهد أنه عليه

الإنتظار حتى تجهز رسلها بالهداية وأنه سيذهب معهم؟ هى

لم تكتب كتاباً وتربطه فى رجل الهدهد ليرجع به إلى سليمان

الحكيم ، لا دليل على ذلك والسياق كما أوضحنا يقول بأن

الهدهد حضر مع رسل الملكة.

إذا ليس سليمان عليه السلام وحده الذى يمكنه محادثة

الهدهد ، فمن هذا الهدهد؟

ولا يمكن أن يكون هذا الهدهد قادر على التواصل مع كل بنى

الإنسان؟ لا دليل على ذلك.

سليمان عليه السلام تفقد الطير ولم يجد الهدهد:

وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ

[النمل : 20]

قد توصلنا فى بحث سابق إلى أن معنى الطير الأبابيل فى

قصة أصحاب الفيل هو السحاب المحمل بالماء وأن رماهم

بكرات الثلج أو حجارة من سجيل منضود ،

ومن إستخدمات القرءان لكلمة " طائر" هو ما تم من عمل أو

فعل لأى إنسان وذلك فى قوله " ألزمناه طائره فى عنقه"

والمعنى أنه مسئول عن عمله وفعله إلى يوم الدين.

ومن إستخدامات الطير كذلك قوله " إنا تطيرنا بكم ، بل طائركم

معكم" وهو تعبير يعنى أنه كل ما أصابنا نتيجة أفعالكم ( أو

طائركم).

ويمكن كذلك فهم الطير فى الأية التالية على أنها السحاب:

أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل : 79]

وقد يكون لنا عندها وقفة ونأتى لطير سليمان عليه السلام:

نترك القارىء مع مقاييس اللغة لحظات ونعود:

طير (مقاييس اللغة)

الطاء والياء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة الشَّيءِ في

الهواءِ.ثمَّ يستعار ذلك في غيرِهِ وفي كلِّ سُرعة. من ذلك الطَّير:

جمع طائر، سمِّيَ ذلك لما قُلناه. يقال طارَ يَطير طَيَراناً. ثمَّ يقال

لكلِّ مَنْ خفَّ: قد طار. قال رسول الله صلى الله عليه وآله

وسلم: "خيرُ النَّاسِ رجلٌ مُمْسِكٌ بِعِنان فرسِهِ في سبيل الله،

كلَّما سمِعَ هَيْعَةً طار إليها".

وقال:ويقال مِنْ هذا: تَطَايَرَ الشَّيءُ : تفرَّق.

واستطار الفجر: انتشر.

وكذلك كلُّ منتشِر. قال الله تعالى: يَخَافُونَ يَوْمَاً كانَ شَرُّهُ

مُسْتَطِيراً [الدهر 7]. فأمَّا قولهم: تطيَّر من الشيء، فاشتقاقه

من الطَّيرِ كالغراب وما أشبهه.

ومن الباب: طائر الإنسانِ، وهو عمَلُهُ.
وبئر مُطارَةٌ، إذا كانت واسعة الفم. قال:ومن الباب : الطَّيْرة:

الغضَب، وسمِّي كذا لأنَّه يُستطَار له الإنسان.

ومن الباب قولهم: خذ ما تطَايَرَ من شعر رأسك أى طال."

الطير من جنود سليمان عليه السلام وهم يمتازون بالخفة

وسرعة الحركة وهذا لا يكون إلا " لسلاح الفرسان" ، ومنهم "

الهدهد" وهو " حامل الرسائل" ، ولقبه الهدهد لأنه لا يستقر

فى مكان ،

الهدهدة هى حركة من أعلى إلى أسفل والعكس ، حركة غير

مستقرة مثل هدهدة الطفل لينام وكذلك طائر الهدهد فى بحثه

عن الديدان فى الأرض يحرك منقاره والذى يشكل مع " عرفه"

شكل الفأس يحركه من أعلى إلى أسفل ولا يستقر فى

الأسفل فيعلو وهكذا حتى يصل إلى الدودة.

من صفة عدم الإستقرار فى مكان أتى وصف " حامل الرسائل

أو رسول الملك بالهدهد وهو من بنى الإنسان. ولا حظ أن

سليمان عليه السلام سأل عن " الهدهد" المعرف باللام ، مما

يعنى معه أنه هناك هدهد واحد لا غير ، ولا يعقل أن يكون

هدهد يجناحين وحيد بين الطير الكثير ، على إعتبار الطير من

ذوات الأجنحة.