إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 مارس 2015

من الذى سرق الربيع؟

من الذى سرق الربيع؟
لإجابة السؤال نعتمد ملة إبراهيم عليه السلام،
ملة إبراهيم عليه السلام تقوم على المشاهدة وإمعان النظر وعرض المسألة للإستقصاء،
{ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) } (سورة الأَنعام 78 - 79)
الله أراه ملكوت السموات والذى تأمله فوصل إلى ربه الذى يشفيه ويطعمه ويسقيه.
والقصة بدأت من عند ورث الأباء:
{ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) } (سورة الأنبياء 52 - 54)
وقد جعلهم جذاذاً وأثبت لقومه عملياً أنهم لا حول لهم ولا قوة وأنهم لا ينطقون، إلا أنهم قالوا حرقوه وأنصروا ألهتكم إن كنتم فاعلين.

راجع أيات تأمله للشمس والقمر والنجوم وكيف تأملها وعرض أسئلة وكيف إنتهى الجواب.
اليوم وكما تعلم هو بداية فصل الربيع ، هذا من إرث الأباء، ويجمع عليه الناس فى الشرق والغرب على إختلاف ألسنتهم وألوانهم ومللهم.
تأمل صورة الشجرة المرفقة والتى إلتقطناها اليوم 21 مارس 2015 وفقاً للتقويم الكنسى الغربى!
دعك من الصورة وتأمل الأشجار من حولك! فهل ترى ربيعاً؟
نرى أوراق قليلة يابسة من بقايا الخريف ولم تسقط بعد ونرى أفرع خاوية لا أوراق لها البتة.
ونسأل فى أى فصل من العام نحن وفى أى شهر إذاً؟
إنظر الصورة الأخرى، لترى الشمس فى بداية دخولها برج الحوت أو السمكتين. وهذا يحدث فى شهر فبراير 19
وبداية الربيع تكون بدخول الشمس برج الحمل وهذا يحدث فى أواخر أبريل 21.
هناك إذاً إنحراف مقداره 30 يوم تقريباً فى التقويم الكنسى الغربى.
وإن كانوا يعزون ذلك إلى إنحراف الأرض نظرياً، هو نظرية لا أكثر ولا أقل.
ولكن نحن نقول إنه إنحراف فى التقويم الغربى الكنسى الذى تلاعبوا فيه منذ عهد الرومان والقياصرة وفقاً لأهوائهم.
الشمس كما تعلم تسبح فى فلكها ولا تغيره حتى تقوم الساعة ، وقد علمنا من قبل أن عدة الشهور عند الله يوم خلق السموات والأرض 12 شهر وهى تمثل منازل الشمس فى الأبراج التى لا تتغير ولا تتبدل.
لامناص من التعامل بالتقويم الغربى فى حياتك اليومية، ولكن معرفتك للفصول ليكن وفقاً لمنازل الشمس فى الأبراج ( الأهلة)، حتى لا يضيع منك الأشهر الحرم وشهر رمضان.
{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) } (سورة التوبة 36)
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189) } (سورة البقرة 189)

إن هذان لساحران

إن هذان لساحران،
لماذا رفع " هذان"؟
قال الأخفش الصغير والزجاج :" إن هنا بمعنى " نعم" ،
ويستدل على ذلك بشاهد شعرى:
بَكَرَ العَوَاذِلُ فِي الصَّبُو حِ يَلُمْنَنِي وَأَلُومُهُنَّـهْ
وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلاَ كَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ: إِنَّهْ
أخر البيت " إنه" المشددة وليست المخففة كما فى الأية، لهذا نرفض ما ذهبوا إليه.
وقال نحاة الكوفة أنها "إن" النافية ولهذا تكون اللام فى " لساحران" بمعنى " إلا" فيكون المعنى " ما هذان إلا ساحران" . وهذا نرفضه كذلك لأن اللام لا تكون إلا لأنهم أرادوا ذلك.
ومن قال أنها إن المهملة ولا عمل لها ، وهذا قريب وناقص.
...........
نعطى أمثلة من القرءان:
{ وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) } (سورة المائدة 116)
إن كنت قلته فقد علمته: ونقول أن " إن" هى للإحتمالية ولهذا لا تؤثر على الجملة الإسمية خاصةً.
الإحتمالية فى وقوع ما بعدها،
نأخذ مثال أخر:
{ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) } (سورة يونس 68)
إن عندكم من سلطان بهذا: هنا فى صورة سؤال إستنكارى يسأل عن إحتمالية عندهم سلطان بهذا.
{ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48) } (سورة الشورى 48)
فإن أعرضوا: إحتمالية إعراضهم
إن عليك : إحتمالية أنه عليه شىء
إلا البلاغ: أثبتت إحتمالية البلاغ المبين فقط بدخول إلا الإستثنائية.
{ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) } (سورة غافر 56)
إن فى صدورهم إلا كبر: إحمالية ما فى صدورهم وأثبت الكبر فيها.
صاحب القول فى سورة طه هم السحرة الذين جمعهم فرعون من المدائن:
{ قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64) } (سورة طه 63 - 64)
السحرة لا يعلمون علم اليقين إن كان موسى وأخيه عليهما السلام ساحرن أم لا،
لهذا هم فى شك ووضعوا إحتمالية كونهم ساحران،
اللام الداخلة على ساحران أكدوا بها إحتمالية ذلك وتبعته وهو إخراجهم من أرضهم والذهاب بطريقتهم المثلى.
بصوة أبسط: لو كانوا فعلا ساحران فهم سيخرجونكم من أرضهم .....
إن هذان : تضع كل الإحتمالات فيهم
لساحران يريدان كذا: فى حالة ثبوت كونهم ساحران يحدث ما بعدها من إخراج والذهاب بطريقتهم.
وإنتهى الأمر إلى :
{ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) } (سورة الأَعراف 120 - 122)
الخلاصة: إن المخففة لا تؤثر على الجملة الإسمية لأنها لا تؤكد ولا تنفى ما بعده، إنما تعطى إحتمالات.

كتاب فصلت آياته

كتاب فصلت آياته ،
ما هو التفصيل؟
لنفهم المعنى نقرأ الأية التالية:
{ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) } (سورة يونس 24)
أعد قراءة الأية مرة أخرى وتفكر فى المثل كما أمرك الله،
تخيل صورة تبدأ بنزول الماء على الأرض فتنبت البذرة فتصبح نبات فينزل الماء فترتوى النبتة فتنمو لتصير قمحاً وترى سنابله قد إمتلأت بالقمح.
هل إكتملت الصورة وتمت، أم ينقصها شىء؟ هل فى الصورة شىء زائد عنها وهذا ما كان له أن يكون فيها؟
شجرة تفاحة ماثلة أمامك وتحمل تفاحها الذى إستوى : عندما ترى تلك الشجرة، هل تسأل عما ينقصها أو تطلب إضافة لتزيد عليها؟
الصورة بلغت غايتها ونهايتها وفجأةً تتلاشى من أمام عينيك هذه الصورة التامة الكاملة فلا ترى إلا بضعة أعواد ملقاة على الأرض.
متعة الحياة الدنيا وإن تحققت لك كما تحب بالتمام والكمال وبلغت ذروتها، هذه المتعة مآلها الزوال ( بالموت أو ضياع وخسارة المال والأولاد) مثل شجرة التفاح أو سنابل القمح. هذا المثل تم تفصيله ليتطابق المعنيين فتفهم هذا عن طريق ذلك ، وهذا من غير نقصان أو زيادة فى المثل أو الصورة لا معنى لها.
تذهب إلى الترزى لتفصل "بدلة" ، تفصيلها يكون بصناعتها على مقاسك بالتمام والكمال، هذا هو معنى التفصيل.
تأمل:
{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) } (سورة الأَعراف 52)
فصلناه ............. على علم ............ هدى ورحمة
هل بعد هذا، يأتى من يدعى القول ليسمعنا أن كتاب الله ناقص يحتاج إلى من يكمله ويتمه، أو فيه من حشو الكلام حيث لا معنى له؟
من يريد أن يعرف دينه، يجده فى كتاب الله الذى أنزله مفصلاً،
{ أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) } (سورة الأَنعام 114 - 117)

مضغة مخلقة وغير مخلقة،

مضغة مخلقة وغير مخلقة،
القرءان كتاب منير ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، هذا هو الغاية من نزوله.
لا هو كتاب طب ولا كيمياء ولا يوجد فيه ألغاز نستكشفها بالميكروسكوب والتليسكوب.
عندما حدثنا القرءان عن السماء ذات البروج، حدثنا عما نراه بالعين المجردة، فقد رصد الناس من قديم الزمان الأبراج وحركة النجوم إعتماداً على العين المجردة ومنهم من رأى فيها عظمة الخالق الواحد وكثيرُ منهم عبدها من دون الله.
فى حديث القرءان عن خلق الإنسان بدأ من النطفة والتى هى معلومة للناس منذ بدأ التزواج على وجه الأرض. وإنتقل بعدها إلى العلقة وهو كذلك معلوم منذ القدم بتعلق الجنين عن طريق الحبل السرى وهذا الجنين فى بداية تكوينه أسماه القرءان علقة، لأن العلقة هى كل ما يتعلق بغيره ليتغذى منه. هذه العلقة تتكون من جزءين،
الحبل السرى: وهو المضغة غير المخلقة ، لأن هذا الجزء لا يتطور فيظل على حاله حتى حين الولادة لهذا هو غير مخلق.
الجزء الأخر والذى يتخلق مكوناً هذا الإنسان الصغير هو مضغة مخلقة.
مضغ: ليست بالتأكيد بصمات الأسنان على الطعام الممضوغ ، هذا عبث وإستخفاف بالعقول.
مضغ الطعام يعنى تحول الطعام من صورة أو شكل له ملامح إلى شكل غائب الملامح وهذا يتم بالغين وتضاعف منه الضاد.
وهذا هو معنى المضغة: قطعة لا شكل لها ولا صورة أو ملامح، مجهولة.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) } (سورة الحج 5 - 6)

عليها تسعة عشر

عليها تسعة عشر ،
ما هم التسعة عشر؟
{ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) } (سورة المدثر 30 - 31)
مذا أراد الله بهذا مثلاً: سؤال من فى قلوبهم مرض والذين كفروا،
هذا لأنهم قدسوا هذا العدد، فعبدوا ألهة متعددة وهذا نراه فى جميع الأمم الغابرة، وبصورة أوضح فى الثقافة اليونانية القديمة، إذ إتخذوا ألهة تسعة عشر تنحدر من الإله الأب " زيوس"، والحقيقة أن المعلومات فى المراجع غير كافية عن ذلك.
ولكن نرى تأثر اليونانية الحديثة والفلسفة فى العصور الإسلامية الأولى ( الفارابى) بتلك الألهة وخاصة هذا الرقم 19، فنرى أنهم جعلوا عقول عشرة وأنفس تسعة قائمة على إدارة الكون وإعطاءها صبغة دينية توحى بالتوحيد أو أن العقل الأول أو العقل المصدر هو من نشأت عنه باقى العقول والنفوس.
ومن قرأ عن فكر الإسماعلية يرى مثل ذلك، وهذا إنتقل كذلك إلى الصوفية المتأسلمة فى صورة الأقطاب وخلافه.
كون عدة الملائكة، وهم غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم هى تسعة عشر فيه دلالة للمؤمنين والذين أتوا الكتاب على كذبة التسعة عشر إله القائمة على الكون.
وهو فتنة للأخرين، لأن الرقم يضرب عقيدتهم فى مقتل وهو مدعاة لهم أن يكذبوا القرءان تصديقاً لمعتقدهم.
هذه الألهة أو الأرباب ظنوا أنها تشفع لهم، وها هى نفس التسعة عشر قائمة على عذابهم فى سقر .
سورة المدثر تعطينا فى نهايته لمحة عن ذلك ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين):
{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) } (سورة المدثر 42 - 48)
وقد أكد القرءان فى أكثر من موضع أن الأمر كله لله وهو مدبره فلا وجود للأرباب التى ترزق وتشفع إلى أخره:
{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3) } (سورة يونس 3)
وعبادة الملائكة فى صورة الإناث كان له الحظ الأكبر، حتى بين قوم الرسول عليه السلام ( لا وجود لهبل التراثى فى القرءان):
{ إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) } (سورة النساء 116 - 117)
.................... هذا بإختصار وذلك لضحالة المراجع ، ولكنه فكرة لمن يريد البحث ........

وقدر فى السرد ....... قدور راسيات

وقدر فى السرد ....... قدور راسيات
نقرأ الأيات:
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) } (سورة سبأ 10 - 11)
{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) } (سورة سبأ 13)
نقول " سرد القصة" ، وترى المعاجم أن السرد هو التتابع ونضيف عليه الإحكام فيكون التتابع المحكم.
وهذا ما يحدث عند سرد القصة، تبدأ بالتنفيس والتنفيس يتمثل فى الجزء الذى تخبر به عن أحداث متداخلة غير واضحة وتنتهى إلى أن تحكمها ليفهم المستمع من اين بدأ الخيط وإلى أين إنتهى.
التقدير فى السرد هو دقة إحكام حلقات مسلسة وهى من الحديد أو سلاسل الحديد فى صورة حلقات وكل حلقة مثبتة فى أختها عن طريق التعشيق أو عن طريق مسمار لتتكامل مع بعضها البعض، وهذا يتمثل فى صناعة الصديرى أو الدروع الواقية أو ما نسميه القميص الواقى.
قدر فى السرد = قدور راسيات ، لأن كل حلقة فى السلسلة راسية فى أختها. والرسو هو الثبات فى الحركة. ( جبال راسيات).
جفن العين هو هذا الجزء الذى تحركه فتغلق به العين أو تفتحه.
يقول القاموس المحيط:
"لجَفْنُ (القاموس المحيط)
الجَفْنُ: غِطاءُ العَيْنِ من أعْلَى وأسْفَل
ج: أجْفنٌ وأجْفَانٌ وجُفُونٌ، وغِمْدُ السَّيْفِ"
ويقول صاحب مقاييس اللغة:
"جفن (مقاييس اللغة)
الجيم والفاء والنون أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يُطِيفُ بشيءٍ ويَحْوِيه. فالجَفنُ جَفْنُ العين.
والجَفْن جفن السَّيْف.وجَفْن مكان"
أمامان خياران لفهم الجفان،
إما أن تكون أغماد السيوف أو غطاء وجه المحارب وهو جزء من الخوذة أو كلاهما معاً.
جفن: الفاء تدل على فتح ، الجيم حركة منجذبة للداخل وهى تؤثر على الفتح فتغلقه والنون للخفاء.
سرد: السين للتنفيس والراء مع الدال تفيد " رد" هذا التنفيس فتؤدى إلى الإحكام. ( هى مجموع معانى " سر + سد + رد)

إن ناشئة الليل أشد وطئاً وأقوم قيلاً

إن ناشئة الليل أشد وطئاً وأقوم قيلاً:
{ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) } (سورة المزمل 6)
الليل يتمتع بالسكون والهدوء النفسى،
لهذا المذاكرة والتدبر فى الليل أشد وقعاً وتأثيراً ( وطئاً) ،
وأقوم قيلاً ( لا يوجد ضوضاء أو أصوات جانبية تشتت التفكير والتركيز)
يقول المعجم : والوَطْأَةُ موضع القَدَم وهي أَيضاً كالضَّغْطةِ والوَطْأَةُ الأَخْذَة الشَّديدةُ"
وقال كذلك : وتقول وطَّأْتُ لك الأَمْرَ إِذا هَيَّأْتَه.
{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) } (سورة المزمل 1 - 7)
الرسول عليه السلام كان عليه أن يتهيأ لما سيلقيه الوحى ( قولا ثقيلا) وإستعداده النفسى يتحقق بقيام الليل عن طريق الصلاة وتدبر القرءان ليقولوا "درست" ، والنهار كان للعمل " سبحا طويلا" ، داعياً إلى الله فى أم القرى وما حولها. ومن الأيات أفهم كذلك أن الوحى كان ينزل ليلاً.
ناشئة الليل: ما ينشأ فى الليل نتيجة لتدبر القرءان والصلاة.

من هم الأعراب

من هم الأعراب ،
قبل الأعراب ننظر فى كلمة " عرب"،
عرب: العين للعلو والإرتفاع والباء للإنبثاق والإمتلاء والراء محور تكرار الحركة بين العلو والإنبثاق.
هذه الصورة توحى إليك بالماء الخارج من الأرض فى صورة عيون ، أو بصورة النبتة الخارجة من البذرة فتعلو وتنبثق وتمتلىء لتصير نبات يافع مثمر.
ولهذا تجد القاموس المحيط وسط هذا الزخم فى المعاجم يقول :
" والعرب: الماءُ الكثيرُ الصَّافي ، وعرب البئر والنهر : كثر ماءه وغمر
ويقول صاحب تاج العروس : والعَرَبِيُّ : شَعِيرٌ أَبيضُ وسُنْبُلُه حَرْفَانِ عَرِيضٌ وحَبُّه كِبَارٌ أَكبرُ من شَعِير العِرَاقِ وهو أَجودُ الشَّعِير "
فماذا يعنى إذاً " لسان عربى"؟
قالوا أنه الواضح البين ،
ولكن القرءان وصف هذا اللسان العربى أنه مبين:
{ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) } (سورة النحل 103)
فكيف يوصف المبين بأنه مبين؟
نرجع إلى ما بدأنا به، ونقول أن اللسان العربى هو لسان غزير بمفرداته أو يتمتع بثروة كلماته وهذه الكلمات وصفها القرءان أنها " مبينة".
وهذا خلاف اللسان الأعجمى:
عجم: العين للعلو والإرتفاع، ولكن الجيم تجذبها إلى الداخل وتتم الحركة بالميم. الماء والنبات لا ينمو أو ينبثق.
هذا لأن بيئة هذا اللسان ببيئة زراعية والزراعة هى أم الثقافة أو الحضارة منذ القدم.
والزراعة تعنى ماء وفير وتربة صالحة ونباتات واشجار تثمر.
وهذا اللسان هو لسان الرسول عليه السلام:
{ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) } (سورة الدخان 58)
هذا لتعلم البيئة التى نشأ فيها الرسول عليه السلام ....
نأتى إلى " الأعراب" ،
هذه الكلمة أول ما ظهرت فى القرءان كان فى سورة الأحزاب ثم الحجرات ثم الفتح وأخيراً فى سورة التوبة،
{ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (20) } (سورة الأحزاب 20)
فى هذه الأية لم يكن الحديث عن إيمانهم ، الكلام عن المنافقين وتقول الأية أنهم يودون لو أنهم بادون فى الأعراب،
بادون: أتت فى سورة الحج كمقابل للعاكف والعاكف هو الذى لا يغادر مكانه ( العاكف فى المسجد) والباد هو من يتحرك هنا وهناك أو لا يستقر فى مكانه ومنها أتت كلمة البدو لعدم إستقرارهم فى مكان ثابت:
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) } (سورة الحج 25)
يوسف عليه السلام عندما قال:
{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) } (سورة يوسف 100)
حياة البدو التى كان فيها أبوه وإخوته كانت عارضة لحالة الجفاف وقتها ( سبع سنين عجاف) فكان لزاماً لهم التنقل هنا وهناك بحثاً عن الكلاْ والماء.
وهذا الوضع يختلف لو رجعنا بالزمن قليلا إلى إبراهيم عليه السلام إذ دخل عليه ضيفه المكرمين فجاء بعجل " سمين":
{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) }
(سورة الذاريات 24 - 26)
العجل السمين ليكون سمين يتطلب ماء وفير ومرعى صالح لرعى الماشية، وهذا خلاف مراعى الغنم.
الأعراب تختلف عن البدو لإختلاف المبنى،
والتفاسير تقول أنهم بدو رحل دخلوا الإسلام طمعاً فى الصدقات ، ولكن القرءان يقص علينا خلاف ذلك:
كان لهم أموال:
{ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) } (سورة الفتح 11)
وكانوا يتفقون فى سبيل الله وإن إختلفت الدوافع:
{ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) } (سورة التوبة 98 - 99)
وهم من الأغنياء:
{ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) } (سورة التوبة 93)
المعاجم قالت أن العرب هم سكان الريف والمدن وإن إنتقلوا إلى البادية فهم الأعراب،
وهذا غير صحيح ، لأن الأعراب هم سكان الريف حيث الماء الوفير وإمكانية تربية الماشية وهى مقابل كلمة البدو.
هم طبقة الأغنياء التى ظهرت فى أواخر العهد المدنى وبدأ الحديث عنها تفصيلا فى سورة التوبة والفتح بعد فتح مكة ودخول الناس فى دين الله أفواجاً.
ومنهم من صدق إيمانه وما أنفقه ومنهم من تاجر بإيمانه ونفقاته وإتخذه مغرماً يعود عليه بالربح.
الحديث هنا عن طبقة الفلاحين ومربى المواشى:
{ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) } (سورة التوبة 97)

لايرقبون فى مؤمن إلاً ولا ذمة

 لايرقبون فى مؤمن إلاً ولا ذمة:
ما هو الإل والذمة؟
نقرأ من سورة التوبة:
{ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) } (سورة التوبة 8)
{ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) } (سورة التوبة 10)
الحديث عن المشركين الذين عاهدوا المؤمنين:
{ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) } (سورة التوبة 7)
لاحظ قوله " وإن يظهروا عليكم" ، بمعنى أن تكون لهم القوة والغلبة.
ولاحظ وصفه لهم فى أية 10 بالمعتدين،
هناك عهد بين المشركين والمؤمنين، ولأن المشركين لا عهد لهم، فبمجرد إحساسهم أنهم الأقوى وأن الغلبة تكون لهم ، ماذا يفعلون؟
لا يرقبون فى المؤمنين إلاً ولا ذمة ، وهم يعتدون بفعلهم هذا.
يرقبون: يحفظون ويراعون الشىء
هم لا يحفظون ولا يراعون فى المؤمنين إلا ولا ذمة.
هم قطعوا معهم عهداً، إلا أنهم يؤذونهم بالفعل وبالكلام.
ألل: قال المعجم أنها الطعن بالحربة والأل هى الحربة وفى نصلها عرض.
ألّ (مقاييس اللغة)
والهمزة واللام في المضاعف ثلاثة أصول: اللّمعان في اهتزاز، والصّوت، والسّبَب يحافَظ عليه. قال الخليل وابن دريد: ألّ* الشيءُ، إذا لمع. قال ابن دريد: وسمِّيت الحربة ألّة للمعانها ، وقيل فيها كذلك " السقاء فسد ماءه"
ذمم:
ذم (مقاييس اللغة)
الذال والميم في المضاعف أصلٌ واحد يدلُّ كلُّه على خلافِ الحمد. يقال ذَمَمْتُ فلاناً أذُمُّه، فهو ذميمٌ ومذموم، إذا كان غير حميد.
ومن هذا الباب الذَّمَّة، وهي البئر القليلةُ الماء
قال مقاييس اللغة :
"ويقال أهل الذّمّة لأنهم أدَّوا الجِزْية فأمِنُوا على دمائهم وأموالهم"
قوله الأخير هذا من كتب الفقه، وتسأل هنا: من هم أهل الذمة فى الأية؟
هم المؤمنون الذين لا يرقب فيهم المشرك إلا ولا ذمة، فهل دفع المؤمنون الجزية للمشركين؟
بالطبع " لا" ، لم يحدث.
لأن الذمة تعنى الإيذاء بالقول، أن تعيب الشخص الذى أمامك وتحقره.
والإل: هو الإيذاء باليد بواسطة ألة ، كانت حربة أو سكيناً أو مدفعاً.
هؤلاء المشركون لا عهد لهم لهذا لا يراعون ويحفظون فى المؤمن الطعن بالألة أو باللسان.

وما كان لنبى أن يغُل

وما كان لنبى أن يغُل:
هل هى الخيانة فى الغنائم كما قالوه؟
أم هى الحقد والبغض والحسد؟
لا هذا ولا ذاك، لأن ما سبق من الفعل " يغِل" فتح الياء وكسر الغين ونقرأ مثله:
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ .ز......... الأعراف 43
بينما الفعل يغُل ومنه الأغلال ومغلولة كمثال:
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) } (سورة المائدة 64)
{ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) } (سورة غافر 71 - 72)
وهناك الغلة والغلال ( ما تنتجه الأرض من حبوب) والفعل منها هو يُغِل بضم الياء وكسر الغين ، وهذا ما جعلوه بمعنى الخيانة.
الفعل الذى نحن بصدده فى الأية الكريمة:
{ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) } (سورة آل عمران 161)
وهو يَغُل بفتح الياء وضم الغين وكما قلنا هو من الأغلال التى توضع حول الأعناق أو حول معصم اليدين.
سياق الأيات يتكلم عن القتال والذين تخلفوا أو قد يتخلفوا ، ونعلم من التاريخ أن الرومان كانوا يسلسلون الجنود بالأغلال حتى لا يفرون من المعركة.
فهل المعنى المقصود فى الأية هو ذلك،
بمعنى ما كان لنبى أن يجبر الناس على الصمود فى القتال مغللين؟
أو ما كان لنبى أن يغل أيدى الأسر بوضع الأغلال فيها؟
أم هناك معنى أخر؟ لا يوجد عندى ........

همزة الإزالة واللسان العربى المبين

همزة الإزالة ،
لا وجود لهذه الهمزة فى العربية،
من يستدل بقوله " أعجم الكتاب بمعنى أزال عجمته" وهذا المعنى السلبى أو العكسى " ليعجم الكتاب"،
من يستدل بذلك على خطأ،
لأنك تقرأ من القرءان:
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) } (سورة النحل 103)
فقد إستعمل القرءان لفظة " أعجمى" التى هى " عجمى" ودخلت عليها الهمزة للدلالة على عجمة ذلك اللسان، وليس للدلالة على إزالة وإنعدام العجمة فيه.
ومن يأتى بمثال أخر فيقول لك:
أضرب: دخول الهمزة أزال الإيجابية عن الفعل " يَضرِب" وجعل فاعل " أضرب" سلبى.
وهذا خطأ إستدلالى، لأن " أضرب" صيغة الماضى للفعل " يُضرب" بضم الياء وهو خلاف " يَضرب" بفتح الباء. ناهيك عن أن يضرب كذلك لا إجابية فيه.
الهمزة تحول الفعل إلى متعدى لمفعولين كمثال " ألبسه الثياب" ،
الهمزة تدل على شدة الوضوح والظهور ، فتجدها فى " لألأ" ،
لجأ النحاة والمفسرون إلى إختلاق دلالة الإزالة فى الهمزة ليفسروا الأية التالية:
{ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) } (سورة طه 15)
فقالوا أن دخزل الهمزة على " يكاد" أزال معنى " أخفيها" فأصبحت " أظهرها".
ولكن هذه الهمزة تدل على المتكلم ،
هو يكاد، أما أنا أكاد
أى أنه لا يوجد فعلين لصيغة المتكلم من يكاد أحدهما بالهمزة والأخر بدونها.
والقول فيها هو ما قاله الأخفش بمعنى " أخفيها" ،
وأكاد أفادت إثبات وقوع " أخفيها" وهو يحمل دلالة الكيد فى إخفاء الساعة حتى لا يعلم بها أحد.
الخلاصة: من يقول أن كلمة " الأعراب" هى نقيض كلمة " العرب" ، فليشرح لنا الفرق بين " أعجمى " و " عجمى"؟
وقد بينا فى مقالة سابقة أن العروبة هى الفلاحة وتربية المواشى والأغنام وهذا هو أصل العرب أنهم يشتغلون بالزراعة وما يرتبط بها. والأعراب هم الإقطاعيون فيهم.
عرب: العين للعلو والوضوح والباء للإنبثاق والإمتلاء والراء للتكرار ، هذه لا تدل إلا على الماء والزراعة وتسمين الماشية.
واللسان العربى هو اللسان الغنى بثروة كلماته وتعبيراته.