إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 23 أبريل 2014

ويعلمكم الكتاب والحكمة

ويعلمكم الكتاب والحكمة ،

يتعمد أبعاضهم إلى الفصل بين الكتاب والحكمة ،

ولكن القرءان له قول أخر، فعندما نقرأ الأية الحكيمة:

ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ

فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39) الإسراء


ونرجع إلى الأيات السابقة لها لنفهم إلى ماذا يعود إسم

الإشارة " ذلك" ؟


نجد :

وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ

مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ

كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ

نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا

الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي

حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا

فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ

إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ

كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ

الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ

عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)

وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ

طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38)

وما قبلها كذلك.

وعليه نفهم الأية الكريمة التالية:

وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ

لَطِيفاً خَبِيراً [الأحزاب : 34]

نفهم أن آيات الله هى الأيات الكونية فى القرءان وأيات العذاب للأمم السابقة مثل قوم نوح وهود وغيرهم ،

وأن الحكمة هو مجموعة التشريعات والأوامر والنواهى كما

بينتها لنا سورة الإسراء ، عدم قرب الزنا هذا من الحكمة ، ألا

نقرب مال اليتيم إلا بالحق هو من الحكمة وأن نوفى الكيل من

الحكمة والإحسان إلى الوالدين من الحكمة وتوحيد الله من

الحكمة وهناك الكثير من الحكمة فى القرءان.

وهذه الحكمة هى التى علمنا إياها الرسول عليه السلام عن

طريق القرءان الموحى إليه ،

والحكمة ليست قاصرة على رسول بعينه ، فنجد سليمان وداود

عليهم السلام أتاهم الله الحكمة وعيسى كذلك ( على سبيل

المثال):

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ

إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً [النساء : 54]

وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم

بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ [الزخرف : 63]

أنهار من لبن وخمر وعسل

أنهار من لبن وخمر وعسل ،

قد يخلط الناس بين كلمة مثل بفتح الميم ومثل بكسرها ،

الأولى التى بالفتح تضرب لتقريب الصورة ، لا أكثر:

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ

مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ

عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِ
رَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ

كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ

[محمد : 15]

كيفية الجنة علمها عند الله ، وما وصفه الله لنا فى القرءان كان

بمعطيات يستوعبها العقل الإنسانى ومخيلته.

أنهار من لبن وخمر وعسل: دلالة على التدفق المستمر غير

المنقطع وعلى الكثرة.

لم يتغير طعمه: هنا تتغير سنن الطبيعة فلا يفسد اللبن مع

الزمن

لذة للشاربين: إستمرارية اللذة مع الشرب ولا ينقطع لأن الخمر

لا تفقدك العقل ومعه الإحساس ، أنت تشرب بقدر ما تشرب

ومازلت تستطعم وتستشعر اللذة فيها ، وهذه اللذة يفقدها من

يشرب حتى الثمالة فى الحياة الدنيا

عسل مصفى: دلالة على النقاء التام ، هو عسل لا يشوبه

شىء ، هو درجة واحدة خلاف عسل الدنيا الذى تختلف نقاوته

وفقاً لدرجة الجودة

من كل الثمرات: الإثمار غير مرتبط بالمواسم ، إثمار لا ينقطع

حيث أنها لا مقطوعة ولا ممنوعة

هذه كلها معانى لتقريب الصورة وبيان مدى الراحة والطمأنينة

فى الجنة ، حيث لا تخاف على رزق الغد وتجد فيها ما تشتهيه

حاضراً.

اليوم ننجيك ببدنك


فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ

عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس : 92]


بدنك فى الأية هى جثة الغريق بعد إمتلاءها بالماء،

ننجيك ببدنك: الباء تفيد وسيلة أو واسطة النجاة وهى تمت

بالبدن ، طفت جثته على سطح الماء بعد الإمتلاء.


هناك كلمة " بُدن" بضم الباء وهى تعنى الإكتناز باللحم

وتعاظمه وتعنى فى الأية الوعل أو الجاموس الوحشى وما

يشبهه.


وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ

اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ

وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الحج : 36]

والبدن من شعائر الله لأنها تشعرنا بعظمة فضل الله علينا.

بدن: الباء للإمتلاء والدال تعبر عن الإمتداد والنون للظهور ،

ضم الباء يفيد أن الإمتلاء حدث فى الشىء نفسه ومنه وهو

يتمثل فى كثرة اللحم وتعاظمه.

بينما الفتح أفاد إمتداد إلى الخارج وهو من خارج مكون الشىء

وهذا يتمثل فى الإنتفاخ الحادث لجثة الغريق.

يعنى أنه لا تحنيط ولا غيره ، من غرق وظلت جثته فى الماء

حتى تنتفخ وتطفو لا يمكن تحنيطه لتحلل أعضاء جسمه.

عجل بنى إسرائيل والسامرى

عجل بنى إسرائيل والسامرى ،

إختلف الناس فى مدلول " السامرى" وإن كان نسبه إلى مدينة

السامرة يخالف تاريخ بناء المدينة وفقاً للجزء التاريخى الذى

ليس بوحى ونجده فى التوراة.



ولن نخوض فى ذلك ونرجع

دلالة الإسم إلى معنى

المراقب الليلى،


فقد ذكر لسان العرب : سامر

الإبل: التى ترعى ليلاً.

ونجد معنى السامرة فى

العبرية:

שׁמרון / shômerôn / sho-mer-one'

שׁמר "From the active participle of "watch station

وعليه يكون هذا السامرى من وِكل إليه الحراسة الليلية وله

دراية بعلم النجوم.

نقرأ أن موسى عليه السلام قد عَجل لقاء ربه:

قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه : 84]

وأنه ذهب قبل موعده بعشرة ليالٍ:

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ

أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي

وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف : 142]

وهذا العشر قد أضيفت إلى الثلاثين ليلة الأصلية. وفيها فُتِن

قومه بالعجل،

يقول إبن عربى فى كتابه " الإسفار من نتائج الأسفار" أن

السامرى رأى ملك من حملة العرش على هيئة الثور فتوهم أنه

إله موسى،

ونتفق مع إبن عربى فى النتيجة ونختلف فى المقدمات، إذ

نفهم أن السامرى رأى برج الثور والذى كان يُرى فى السماء

وقت ذهاب موسى عاجلا إلى ربه وأنه ربط بين ظهور برج الثور

فى السماء وبين رب موسى وتوهم أن ظهور هذا البرج دلالة

على تجلى الله لموسى عليه السلام.

ونفهم كذلك أن موسى عليه السلام ذهب فى بداية العشر

الأواخر من ظهور برج الثور وكان عليه الذهاب مع ظهور برج "

الجوزاء : التوأمان: رسولا رب العالمين"،

ونظن أنه لكل رسالة برج ولهذا كان الجن أو علماء بنى إسرائيل

يقعدون من السماء مقاعد للسمع ليعلموا وقت ظهور النبى

الخاتم والذى ظهر مع برج الميزان وقبله عيسى عليه السلام

فى برج العذراء.

وقد يقوداً ذلك إلى فهم الشهاب المبين الثاقب على أنه رسالة

السماء التى تبدد ظلام وجهل ناشريه بين الناس.

من يتتبع قصة موسى عليه السلام قد يربط كذلك بين فرق

البحر إلى فرقين وكل فرق كالطود العظيم على أنه إشارة إلى

إقتسام الرسالة بين موسى وأخيه هارون عليهما السلام.

نرجع إلى السامرى وما بصر به:

قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ

فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي [طه : 96]

موسى عليه السلام قال لربه أن قومه على أثره ، بمعنى أنهم

ملتزمون بما علمهم إياه ، ولنحاول الفهم نقول:

السامرى بصر برج الثور ، وبعدها قبض قبضة من أثر الرسول ،

فمن الرسول هنا؟

إما أن يكون أثر الرسول هو ما علم موسى قومه وقد يكون أنه

ضرب لهم مَثلا لنور الله ( بالوحى) كما فى أية :

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ

الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ

مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ

تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ

الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور : 35]

وبرج الثور يقال عليه " الكوكب الدرى" والأمثال يضربها الله

لعباده وهناك من يهتدى بها وهناك من يضل ، وقد ضل

السامرى وأضل بنى إسرائيل عندما قال لهم أن الثور هو إله

موسى وإلههم:

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى

فَنَسِيَ [طه : 88]

وهذا هو النبذ الذى قام به ، هو نبذ المثل وأحاله إلى حقيقة

مجسدة فى العجل.

أو يكون الأثر هو ما توهمه فى برج الثور على أنه خبر يدل على

ظهور الله.

أما القول أنه رأى جبريل عليه السلام من دون الناس فهذا غير

مقبول أو مقنع لدينا وإلا لبصر به كذلك الأخرين.

ولا نعجب لقولهم أن برج الثور برج ترابى ، فقد صنع لهم العجل

من حُليهم وحليهم هذا لا تقول أنه من الذهب، فهناك حلى

وزينة مما تجود به البحار ( الجودى) ولهذا قال موسى عليه

السلام " لننسفنه فى اليم نسفاً".

وقد زاد فى ضلالهم حبهم للمال والزينة حباً إلى العجل لأنه

صُنع مما يحبون ، أحبوا شهواتهم وأنفسهم وزينة الحياة الدنيا

وكله إلى التراب ومنه.

أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ


أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف :

18]


التفاسير صرفت معنى " الحلية" إلى الزينة التى تلبس ومعه

أحالوا المعنى إلى الجارية أو المرأة وزعموا أنها :" قال قتادة، ما

تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها "


ومنهم من جعل من الأية حجة على إباحة الحلى للمرأة

بالإجماع دون الرجال ( القرطبى).


وزعموا كذلك أن المقصود هى الأصنام التى يلبسونها الحلى. 

وهذه هى التفاسير التى نقرأها فيخرج المرء خالى الوفاض.

هذه الأية وسياقها يتكلم عن :

أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ

بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17)

الزخرف

هنا من يخاصم فى الله ويجعل له سبحانه وتعالى عما يصفون

البنات ، هذا نفسه يبغض أن يرزق بالأنثى التى جعلها من

نصيب الله. هو فى خصومته هذه ضعيف الحجة ، لأنه يزعم أنه

يمجد الله بجعله له البنات وعندما تأتيه البنت ترى وجهه مسودا

وهو كظيم.

المعنى:

من ينشأ فى الحلية: من يترعرع ويظهر ويستمر حاله فى

الحلية والحلية من الحلاوة أو الشىء الحلو المحبب إلى قلبه (

رزقه بالذكور).

وهو فى الخصام غير مبين : الأية بدأت بسؤال إستنكارى "

أومن" ، والسؤال ينكر على هذا الذى يظهر فى الحلوة وهو فى

الخصام أو النزاع والمحاججة لا يبين ولا تسمع منه جواباً.

والسؤال ب" أو"من ( لم) لا يحتاج إلى جملة جواب عليه ، كما

فى الأية:

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ

الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]

دخول المقطع "أو" على لم أفاد الإستنكار والتعجب كذلك.

ودخوله على "من" كما فى أية الزخرف أفاد كذلك الإستنكار من

فعل هذا الذى هو فى الحلية منشأ وفى الخصام غير مبين.

غاسقٍ إذا وقب

من شر غاسقٍ إذا وقب ،

كتاب إبن كثير المسمى " تفسير إبن كثير" وأستغرب التسمية

لأن الكتاب يحوى أقوال وحكايات عن أخرين نقلها إبن كثير عن

جامع التفسير للطبرى ومن كتب الحديث ولا أثارة علم لتفسير

لإبن كثير فى الكتاب ، هذا الكتاب أورد أقوال عن معنى "

الغاسق" ومنها " الغروب" و " الليل" و "سقوط الثريا" و" القمر"

وهذا القول الأخير هو ما إرتاح إليه إبن كثير دون بيان علته فى

ذلك.


ونسأل عن العلة من الإستعاذة بالله من دخول الليل أو من

القمر؟ 

الليل من أيات الله وجعله الله لنا لباساً والقمر جعله ضياءً ،

فكيف نستعيذ منهما؟ 

كلمة " غسق" وهى الفترة التى تلى غياب الشفق بعد نزول

الشمس فى الأفق والتى عندها لا يتضح لنا رؤية الأشياء

وتمييزها جيداً ، بعد دلوك الشمس أو نزولها فى الأفق بحوالى

25 دقيقة.

غاسق: على وزن إسم الفاعل ، هو كل أمر لا نتبينه جيداً ،

يمكن أن نقول عنه هو الحالة الضبابية فى الفكر فلا نميز معها

بين الأشياء أو الأمور.

هذه الحالة قد تكون نتيجة لثورة غضب أو حتى حالة نفسية

خانقة أو حتى حالة شجار وخصام،

وقب: 

لبيان معنى الوقب نذكر ما قاله اللسان:

ووَقْبُ العَيْن: نُقْرَتُها؛ تقول: وَقَبَتْ عَيْناه، غارَتَا

والوُقُوبُ: الدُّخُولُ في كل شيء؛ وقيل: كلُّ ما غابَ فقد وَقَبَ

وَقْباً

والوَقْبُ الرجلُ الأَحمقُ

وتحت " قبب" نجد :"قبب (لسان العرب)

قَبَّ القومُ يَقِـبُّون قَبّاً: صَخِـبُوا في خُصومة أَو تَمَارٍ"

ويكفى أن نستحضر كلمة " القبو" لنفهم المعنى،

نجمع هذه المعانى ونقول بأن الغاسق هو حالة خصومة وغضب

تغيب معها الرؤية جزئياً ونستعيذ من أنها تغيب كليةً فلا نميز

ولا نعى معها ما قد ينتج عنها.

ومن شر النفاثات فى العقد:

قالوا عنها أنها " السواحر" ،

وتخطوا ذلك إلى القول بأن الرسول عليه السلام سحره يهودى

وظل ستة اشهر لا يدرى ما يفعله وفقاً لما ذكره إبن كثر نقلاً

عن كتب الحديث كالبخارى وغيره،

وهذا الإبن كثير إسماً وقليله عقلا وفكراً لم يقرأ قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ

رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ

[المائدة : 67]

والله يعصمك من الناس: هل نفترى بعدها على الله ورسوله

كذباً ونقول أنه سُحِر من يهودى ، وهل روايتهم الكاذبة تلك "

نسخت" الأية الكريمة وماذا عن أية " لا ينطق عن الهوى" ؟ (

على فهمهم للنسخ أنه الإلغاء)

النفث فى العقد يزيدها تعقيداً على تعقيد ، هى عقد لمشاكل

بين الناس وهناك من قد يأتى لينفث فيها ليزدها كمن ينفخ

فى الرماد ليزيده إشتعالاً.

سياق الأيات كلها والذى بدأ " برب الفلق" والفلق ينتج عنه

الإصباح وينتج عن الزرع وحتى خروج الجنين من رحم أمه أشبه

بالفلق. الفلق هو تفتح يؤدى إلى ظهور ما خفى ، هو حالة

إتضاح الرؤية وبزوغها.

ورب الفلق قادر على أن ينير هذا الغاسق فلا يقب وقادر على

أن يحل هذه المشاكل المعقدة رغماً عن نفث الحاقد الساعى

بالشر بين الناس ، وهو قادر على أن يحافظ على ما رزقنا إياه

فلا يملك حاسد أن يسلبنا إياه وإن إحتال ومكر له.

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ

إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا

حَسَدَ (5) الفلق

يوم التغابن

ذلك يوم التغابن ،

تفسير إبن كثير يقول : " قال ابن عباس: هو اسم من أسماء

يوم القيامة, وذلك أن أهل الجنة يغبنون أهل النار, وكذا قال

قتادة ومجاهد, وقال مقاتل بن حيان: لا غبن أعظم من أن يدخل

هؤلاء إلى الجنة ويذهب بأولئك إلى النار"


قولهم " هو إسم من اسماء يوم القيامة" هو قول من يجهل

المعنى ولم يقف عليه. 


وإن كان التغابن هو غبن أهل الجنة أهل النار حسب زعمهم ،

فماذا عن أهل النار؟ 


نسأل عن أهل النار لأن التغابن على وزن تفاعل ويدل على كل

واحد يغبن الأخر ، هو فعل متبادل بين طرفين ، مثل " تقاتل

وتشاحن وغيرها.

ولسان العرب أضاف على ما سبق قوله :ويَغْبِنُ من ارتفعت

منزلتُه في الجنة مَنْ كان دُونَ منزلته".

وهذا القول يتعارض كلية مع الأية الكريمة التى تقول:

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ

[الحجر : 47]

لأن الغبن وفقا لفهمه للتغابن ليس من عمل أهل الجنة مع

بعضهم البعض.

يقول القاموس المحيط : "والتَّغابُنُ: أن يَغْبِنَ بَعْضُهم بعضاً،

وبعدها يأتى بنصف المعنى ويقول:

ويَوْمُهُ: يَوْمُ التَّغابُنِ، لأنَّ أهْلَ الجنَّةِ تَغْبِنُ أهْلَ النارِ"

غريب أن يقول بأن التغابن هو غبن البعض للبعض الأخر ثم يأتى

ويقول بغبن أهل الجنة لأهل النار ويسكت عن أهل النار!

هم فهموا التغابن على أنك ترى ضعف رأى الأخر أو تنقص من

سلامة رأيه.

غبن: هذه الكلمة معكوس " نبغ" والنبوغ هو البروز والظهور

وعكسها هو الإخفاء أو الإختفاء.

الغبن فى البيع هو أن تخفى ما فى البضاعة من عيوب ولا

تظهرها للشارى.

التغابن: كل واحد يخفى شىء أو حتى نفسه عن الأخر ، وهذا

تفسره لنا الأية التالية:

فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ

(35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ

(37) عبس

فى هذا اليوم ، يوم الجمع كل واحد يختفى عن نظر الأخر ،

حتى عن أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.

هذا رأى ومعى رأى أخر وهو ما أميل إليه ،

نعلم الفعل " يمرض" و" يتمارض" ومن الأخير " التمارض"،

التمارض هو إدعاء ظاهرى للمرض وهذا الإدعاء قد يفلح معى

ولا يفلح معك أنت إن كنت طبيباَ ،

يوم الجمع تأتى كل نفس لتجادل عن نفسها ، وهى حتماً

ستدعى أنها لم تفعل ولم تعلم ، تحاول إخفاء الحقيقة وإنكارها

فى نفس الوقت،

وهذا يجعلنا أن نفهم الغبن فى البيع على أنه إخفاء العيوب مع

إنكارها ، أنت تعرض سيارة للبيع على سبيل المثال فتخفى

عِلة فيها ويأتى المشترى ويسألك إن كان فيها كذا وكذا فتأتى

وتنكر.

ولكن هذا التغابن لا يجدى لأن الله يعلم السر وأخفى ، نرجع

إلى الأيات الأولى من سورة التغابن ونقرأ فيها:

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ

وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ

وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ

بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ

الصُّدُورِ (4)

ونقرأ أيضاً:

زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ

بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7)

معانى الأيات من أن الله يسبح له ما فى السموات والأرض، كل

شىء يسير فى معية الله وقد شرحناها بإستفاضة، وأنه بما

نعمل بصير، ويعلم ما نسر ونعلن وأن سيعلمنا بما عملنا ،

ويأتى بعدها قوله تعالى:

فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8)

هو أمر بعظة لنؤمن بالنور ونتبعه ، من قبل أن يأتى يوم الجمع

وهذا ما جاء بعدها مباشرة، فى يوم الجمع يوم التغابن من

إختار الظلمات سيبرز للرحمن ولا تخفى منه خافية ، فلا يجدى

ولا ينفعه التغابن. هو مدعى وكاذب وهذا مفضوح ولا يخفى عن

الله العليم الخبير.

الخميس، 3 أبريل 2014

الإثخان فى الأرض


مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ:

وسوء فهم تدبرهم،

سخن: الخاء والنون تفيد الخمول والسكون فى الشىء ، فتأتى

السين محدثة تنفيس فيه وحركة التنفيس هذه تؤدى إلى

السخونة.

ثخن:الثاء هى نفس دلالة السين ولكن مع تفخيم وكثرة فى

فعل أو حركة التنفيس.

لنفهم الفرق أكثر بين السين والثاء نذكر مثال أخر ،

سمر: السمرة فى لون البشر تنتج عن تنفيس فى درجة اللون

وهذا التنفيس رقيق ، بمعنى أنك ترى ملمحه على البشرة

أما فى كلمة " ثمر" فهنا فخامة وكثرة التنفيس تمثلت فى هذه

الثمرة التى برزت حاضرة بقوة على الشجرة.

يثخن فى الأرض: نتخيلها بحركة الخيل وتناطح السيوف ، هى

دلالة على شدة وقع الحركة فى الأرض وهذا فى القتال.

حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ: هنا الفعل متعدى لمفعول ونقول أثخنه

المرض بمعنى أقعده وتمكن منه ، وهذا هو معنى المتعدى من

يثخن وهو أنك تسيطر على العدو وتتمكن منه وتشل حركته

وذلك بعد أن يفقد سيفه وتحدث فيه جراحاً أو لا تحدثها، المهم

أنك تتمكن منه.

فى المتعدى كان التنفيس من الفاعل داخلاً فى المفعول (

تغير إتجاه الحركة).

وأترككم مع الشيخ حسين العزانى:

حسين العزاني:

أعظم آية تحصر سبب الأسر ظنها البعض تدعو لقتل الأسرى !

قال تعالى ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في

الأرض .. ) الأنفال

أي لا يجوز لنبي أن يكون له أسرى إلا بسبب واحد فقط هو

الأسر بعد الإثخان في أرض المعركة 

و أول ما يستسلم العدو يقف الإثخان و يكون الأسر

أما ما سوى ذلك من الأسر عن طريق الخطف أو أخذ رهائن أو

القرصنة فلا يجوز أبدا في الإسلام

و ليس هناك آية تدعو لقتل الأسرى حتى نقول أن رسول الله

صلى الله عليه و سلم خالفها فعاتبه ربه

بل عاتب الله من يأسر في غير المعركة حتى لا يكون همه

الدنيا بل يريد الله أن يكون همه الآخرة

قال تعالى ( ... تريدون عرض الدنيا و الله يريد الآخرة و الله عزيز

حكيم )

و قال تعالى ( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ) 

و الغنيمة ما أخذت بعد قتال و هي غير الفدآء 

ثم قال تعالى ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى

إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم و يغفر

لكم ) 

فكيف سيخاطبهم الله بهذا و حكمهم القتل ؟!

و لكن حكم الأسير كما نصت الآية ( فإما منا بعد و إما فدآء ) و

لا ثالث لهما 

و الرسول ( ص ) عمل بهذة الآية 

فكيف يعاتبه ربه ! "

فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى


وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) الأعلى

المرعى : نعلمه وهو البرسيم وغيره مما ترعى فيه الغنم

والبقر وغيرها


هذا المرعى جعله العزيز القدير غثاءً أحوى ،

والغثاء هو البعر ، أو فضلات الأنعام

وهذه الفضلات عبارة عن خلاصة ما أكلته ولم يستفد منها

جسمها وهو أحوى لأن لونه أخضر داكن أو مائل إلى السواد.


ولنا فيه فائدة عظيمة ، فمنه وقود للنار ومنه نخصب الأرض

الزراعية.

عندما نقرأ الأيات:

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ

فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)

نفهم الرابط بين تقدير ربنا الأعلى فى هداية من يشاء وبين

تقديره للمرعى الذى جعله غثاء أحوى ،

لأن من لم يهتدى فمصيره كهذا الغثاء الأحوى ، مصيره أن يكون

وقودا للنار،

وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا

يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (13)

هذا كانت حياته الدنيا إخضرار فصارت أخرته كالبعر وقودا للنار.

أما الذى يتذكر فيخشى ، يتذكر عندما يرى أيات ربه الذى سقاه

لبنا خالصا مما فى بطون الأنعام من بين فرث ودم ، والذى جعل

له فى الأنعام نعم كثيرة ، حتى فضلاتها له فيها فائدة. هذا من

يتجنب النار لأنه أذن واعية.

لسان العرب:

وقال أَبو زيد: غَثا الماءُ يَغْثُو غَثْواً وغَثاءً إذا كثر فيه البَعَرُ والوَرَق والقَصب

غثي (مقاييس اللغة)

الغين والثاء والحرف المعتل كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعِ شيء دَنِيٍّ

فوق شيء.

ويروى: .والغُثَّاء لسَفِلة الناس: الغُثَاء، تشبيهاً بالذي ذكرناه.

ومن الباب: غَثَتْ نَفسُه تَغْثِي، كأنَّهَا جاشت بشيء مؤذٍ

،

والغث من كل شىء هو الردىء ، والغث من الطعام إذا فسد.

حوا (لسان العرب)


الحُوَّةُ: سواد إِلى الخُضْرة

الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت


الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ،

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ

لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ

أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ [البقرة : 243]


هؤلاء هم بنو إسرائيل ، تركوا ديارهم خوفاً من العدو،

حذر الموت: خافوا لقاء العدو دفاعاً عن ديارهم خوفاً من الموت.

لهذا عندما سألوا نبيهم أن يبعث لهم ملكاً ليقاتلوا فى سبيل

الله ، كان جوابه مشككاً فى نيتهم القتال لأنهم تولوا من قبل

وقد تولوا من بعد إلا قليلاً منهم بعد أن بعث الله لهم طالوت

ملكاً عليهم.

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ

لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ

اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا

إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)

هذا ما أسموه الأسر البابلى وهو ما كان أسر ، لأنهم هم الذين

فروا من ديارهم وتركوها وراءهم.

فقال لهم الله موتوا: الموت قد يكون مادى وقد يكون معنوى كما

فى الأية التالية:

هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا

لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ

مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران : 119]

وموتهم كان بتفرقهم و إذلالهم ،

ثم أحياهم: الإحياء كان بأنهم إستردوا ديارهم وقوتهم مرة

أخرى.

عندما تقول بأن العرب اليوم هم " أمة ميتة" فإنك ترجع بالتاريخ

إلى هذه القصة أو العظة.

إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ:

هذه الجزئية من تكملة الأية لم توضع عبثاً ، سنن الله فى

خلقه وهذا نعيشه فى حاضرنا ونعلمه من التاريخ وهو أمم ميتة

تحيا وأمم حية تموت.

ما قالته التفاسير من هروبهم من وباء أو طاعون ما هو إلا

إسرائليات لتغطى على هروبهم وجبنهم عن القتال.

والأرض وما طحاها

والْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا [الشمس : 6]

طحاها: لا تعنى بسطها ولا تعنى كذلك دحاها

الطحو هو الضغط على شىء ليتجمع مع بعضه البعض ، وهذا

له نتائج ومنها نشوء الجبال والمرتفعات عموماً.


لسان العرب: والطَّحُّ أَيضاً: أَن تَضَعَ عَقِبَك على شيء ثم

تَسْحَجَه


وطَحْطَحَ الشيءَ فتَطَحْطَحَ: فرّقه وكسره إِهلاكاً

ومن هنا نشأت الجبال والمرتفعات،

القاموس المحيط :" والطاحِي: الجَمْعُ العَظيمُ، والمُرْتَفِعُ،

والمُنْبَسِطُ، والذي قد مَلأَ كلَّ شيءٍ كَثْرَةً"

وهذا ما حدث من طحو الأرض ، بعض الأجزاء إرتفعت وبرزت

والأخر إتجه إلى الداخل.

والبَقْلَةُ المُطَحِّيَةُ، كمُحَدِّثَةٍ: النابِتَةُ على وجْهِ الأرضِ

مختار الصحاح: يقال: ضرَبه ضربةً طَحا ، وقد أخطأ المعجم بقوله

بعدها " إمتد".

وهذا الضربة تسبب كدمة فى المكان المضروب. وذلك من قوة

الضغط عليه.

ذلك الكتاب لا ريب

ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [البقرة : 2]

كلمة " ريب" لا تعنى " الشك" ،

لأنه تم وصف الشك نفسه بالريب أو أنه مريب ،

قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا

يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ [هود : 62]


ريب: تجمع حقل من معانى " الشائبة ، النقص، عدم الصفاء ،

والإختلاط"


فيكون المعنى أنه كتاب لا تشوبه شائبة ولا عيب أو نقص فيه

وأنه صافى خالص.

عندما نقرأ:

أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25)

الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)

أفهم منها أن هذا المعتدى فيه عيب ونقص وشوائب ، أو أنه لم

يخلص لله الدين.

مثل نوره كمشكاة



المثل بفتح الميم خلاف المثل بكسرها،

المثل بكسر الميم هو للندية أو قل للتشابه ، بينما المثل

بفتحها نقوله لتوضيح وتقريب صورة أو فكرة.


اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ

الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ

مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ي
َكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ

تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ

الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور : 35]


مصدر النور فى المَثل هو شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا

غربية وذلك لأن مصدر النور غير أرضى ، هو صناعة ربانية وليس

صناعة بشرية.

هذا النور مصدره رب العالمين ، نزل به الروح الأمين على قلب

الرسول عليه السلام.

الزجاجة كأنها كوكب درى : الكوكب هو مجموعة نجمية (

ككوكب الجدى على سبيل مثلا) وهذا الكوكب درى ، هو درى

لأنه كثير الضوء وشديده،

على الرغم من ذلك نحتاج إلى الله لنراه ، والكثير لهم أعين لا

يبصرون بها كما لهم أذان لا يسمعون بها.

ويرسل الله لنا نوراً مبيناً مع رسله لنمشى به بين الناس وهناك

من يستبدله بنور أرضى قد يحسبه نوراً وما هو إلا ظلمات فِي

بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ

بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ

لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ.

وقد بذلوا الغالى والرخيص ليطفئوا نور الله ولكن الله أتم نوره

وحفظه،

يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ

وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة : 32]

محاولة إطفاء النور كانت بالأفواه ، بالكذب إفتراً على الله

ورسوله وما زالت.


يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً

[النساء : 174]

وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ

[يونس : 43

كبرت كلمة

كبرت كلمة:
هناك من يقول بخطأ تشكيل " كلمةً" لأنها فاعل كبرت.

وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ

كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) الكهف


ولأن القرءان يفسر بعضه نقرأ الأية التالية:

الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ

اللَّ
هِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ

[غافر : 35]

فى أية غافر جدالهم فى أيات الله بغير سلطان كبر وحال كبره

هو كلمة " مقتاً"،

وفى أية الكهف الكلمة التى قالوها " إتخذ الله (ولدا)" كبرت

وحالها هو " كلمة" لا تودى ولا تجيب كما نقول. هى أقصى ما

وصلت إليه فى كبرها أنها مجرد كلمة. وأنهم كاذبون.

وأية أخرى:

كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف : 3]

نقرأها معكوسة: أن تقولوا ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله.

فى أية الكهف :

قالوا إتخذ الله " ولداً" كبرت كلمةً ، تاء التأنيث فى " كبرت" تعود

على قولهم " ولد" لأنها هى المشكلة الكارثية فى الجملة

التى قالوها وهى " كلمة".

ما شاء الله

ما شاء الله:

شأي (لسان العرب):

والشَّأْوُ: الغَايةُ والأَمَدُ

هذا هو المعنى ولا تعنى الإرادة كما قالوها ،

الشين فى شىء تدل على الإنتشار والياء تدل على تغير

حادث ويظهر فى صورة حركة جديدة بالهمزة.


الرجل الصالح عندما قال لصاحبه :

" وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " ،

لأن جنته بلغت غايتها بفعل الله ،

بمعنى أنه الرجل وضع البذرة فى الأرض وسقاها ، وما تم بعد

ذلك هو مشيئة الله التى أنبتت البذرة فخرجت شجر حمل ثماراً

وأينع.

المشيئة: هى بلوغ الشىء أو الحدث غايته وهذا يتم بأمر الله

وأسبابه.

لا تقولن لشىء إنى فاعل ذلك غداً : لأنك لا تستطيع إتمامه أو

أن يبلغ غايته إلا بالله ،

وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً [الكهف : 23]

إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي

لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً [الكهف : 24]

أنت عندما ترى إنجاز قد قمت به عليك أن تقول " ما شاء الله لا

قوة إلا بالله"،

أصابتك وعكة فمرضت فشفيت فصحت حالتك تقول " ما شاء

الله لا قوة إلا بالله" ، لأن الطريق الذى سلكته بتناول العلاج أو

بالمداوة عن طريق عملية جراحية ما كان له أن يبلغ غايته إلا

بمشيئة الله.

وهذا يتطلب منك أن تشكر الله ، وشكره فعلاً لا قولاً يقال ،

قارون الذى خرج على قومه فى زينته وقال " إنما أوتيته على

علم عندى" قد نسب إلى نفسه المشيئة الربانية،

وكفر بأنعمه لأنه لم يعطى الناس مما رزقه الله،

وكذلك فعل أصحاب الجنة ، إذا أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا

يدخلنا عليهم مسكين ، منعهم دخول المساكين هو كفر بنعمة

الله عليهم.

تأمل عتاب أوسطهم لهم:

قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ [القلم : 28]

لولا تسبحون : لولا تجعلون حركتكم وسكناتكم وأفعالكم

سابحة فى إتجاه الله ومعه وبه، ومن يسبح الله يكون فى

معيته وشاكراً لأنعمه.

لماذا قال موسى لربه الأعلى:

كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً [طه : 33]

وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً [طه : 34]

لم يشترى حتما موسى عليه السلام وأخيه مسبحة وجلسا

القرفصاء وهاتك يا تسبيح ،

تسبيحهم كان بأفعالهم وأقوالهم .............

لنفرق بين المشيئة والإرادة نقرأ:

إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس : 82]

الشىء: هو تحقق غاية لحدث ما ،

إن أراد الله ذلك بمعنى الرغبة والعزيمة فى الفعل ،

كن فيكون: هذا وسيلة بلوغ الغاية أو تمام وكمال الحدث.

ولذلك نخطىء إن قلنا " هذا ما أراده الله " لأننا نكذب على الله ،

فأنت لا تعلم ما فى نفس الله ولا تعلم ما يريده الله أو ما لا يريده.

إنما علينا القول " ما شاء الله" ولا تنسب القبيح لله لأن الله لا

يأمر بالفحشاء والمنكر ولا يفعلها. هذه من فعل الشيطان الذى

هو أنت نفسك.

أصابنى الشيطان بنصب وعذاب : قول نبى الله أيوب عليه

السلام ، فهو لم ينسب لله ما أصابه من شر