إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 31 مايو 2013

مرج البحرين



عذب فرات وملح أجاج:

وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً [الفرقان : 53]
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ [الرحمن : 19]



بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ [قـ : 5]
كلمة " مرج" أتت فى موضعين وفى الثالث جاءت " مريج"،

يمرج / مرج

نعلم كلمة " رج" وهى كما يقول المعجم:


رج (مقاييس اللغة)

الراء والجيم أصلٌ يدلُّ على الاضطراب
والرَّجُّ: تحريك الشيء

مرج (مقاييس اللغة)

الميم والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على مجيءٍ وذَهابٍ واضطراب

الفرق بين " يرج" و" يمرج" أن الثانية تفيد تمام الرج أو تمام تحرك الشىء فى إضطراب ويعطى المعنى الإيجابى للفعل،

مثلها فعل " يهد" و" يمهد" ، فالأول " الهد" يفيد خفض الشىء بتكسيره وضعضعته والثانى أفاد جعل الشىء سهل منخفض وهذا هو إيجابية الفعل، ذلك خلاف الهد الذى قد يكون إيجابى أو سلبى.

وعليه يكون " مرج البحرين" بمعنى حركهما ، جعلها مياه نشطة متحركة جارية ولم تكن " راكدة" وإلا فسدت. ومياه البحر المالح نظرياً راكدة ولكون مياه البحر فى حركة داخلية مستمرة فهى متجددة جارية لا تتعفن. هذا بالإضافة الى الملوحة التى تحفظ الماء والحياة داخله.
فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ: أمر شديد الإضطراب

فهم المعنى على أنه إختلاط الشيئين لا يستقيم مع قوله "
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ" والبغى هو تجاوز الحد الفاصل. البحران يلتقيان عند نقطة تماس ولا يتجاوزها هذا أو ذاك. وهذه النقطة هى البرزخ.
برزخ (الصّحّاح في اللغة)
البَرْزَخُ: الحاجز بين الشيئين


فكيف يكون بينهما حاجزا ونأتى ونقول أنه خلطهما والخلط يدل على التداخل بين شيئين أو أكثر؟ لا يستقيم هذا الفهم.

والمعنى الصحيح للبرزخ هو الحد الفاصل المخفى الذى لا يرى ، الباء والراء والزاى تدل على ظهور وبروز والخاء تخفى هذه الحركات البارزة ( الخاء لإخماد الحركة وجعلها تتلاشى). وحيث أننا لا نراه يمكننا أن نسميه " الحد الفاصل الوهمى".

خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)الرحمن

مارج : مضطرب بطبعة، خلاف الصلصال المتماسك اللين السهل،

وهذا كالفخار الذى خمدت وسكنت ناره فإنطفأت والثانى مازال فى ناريته.


نأتى الى كلمات " عذب" ، " فرات" و" أجاج" :

عذب:
ذب (مقاييس اللغة)

الذال والباء في المضاعف أصولٌ ثلاثة: أحدها طُوَيئرٌ، ثم يُحمَل عليه ويشبَّه به غيرُه، والآخَر الحَدُّ والحِدّة، والثالث الاضطرابُ والحرَكة.فالأوّل الذُّباب، معروف، وواحدته ذُبابة، وجمع الجمع أذِبّة.

والعين والباء تفيد الإمتلاء والكثرة وهى هنا تدل على غزارة الماء وعمقه.

عذب: الماء الجارى الغزير

فرات:

لسان العرب ذكر تحت مادة " فرت" :
والفِرْتُ لغةٌ في الفِتْر؛ عن ابن جني، كأَنه مقلوب عنه" إنتهى

وماءٌ فاترٌ: بين الحار والبارد.
وفَتَرَ
الماءُ: سكن حرّه

فتر (مقاييس اللغة)

الفاء والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَعفٍ في الشَّيء. من ذلك: فَتَر الشّيءُ يَفْتُر فُتُوراً. إنتهى



نحن أمام " فرت" و" فتر" :

الضعف فى فتر جاء من الفاء والتاء ولعلك أكلت " الفتة" من قبل. وعندك كلمة " فتات الخبز".

وكذلك دخول الفاء والراء والتاء على حرف الكاف الذى يفيد التجمع والتكتل يؤدى الى تقطيع وتمزيق الشىء وهو إضعاف لتكتله ( فرتك الشىء).



فرات: الفاء المضموة أفادت صدور حركة مبتعدة بشدة وقوة عن المركز مع تكرار حتى تصل الى أبعد حد بالألف غير المهموزة فتضعف بالتاء ، هذا وصف لحركة مياه النهر التى تبدأ متفجرة الى أن تهدأ وتستقر.

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة : 74]

أصبح عندنا وصف لكيفية مرج البحر فى قوله " عذب فرات".

ولهذا ذكر وصف ثالث خاص بالطعم وهو " سائغ شرابه":

وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [فاطر : 12]

لو كان معنى عذب أنه حلو ومقبول الطعم وكلمة فرات تعنى شدة هذه العذوبة ( المغلوطة) لكانت كلمات " سائغ شرابه" لا معنى لها ولا قيمة لذكرها بعد كلمات عذب وفرات.


ملح أجاج:

الملح معروف.

أجاج :

لسان العرب:" وأَجِيجُ الماءِ: صوتُ انصبابه"

كلمة أجاج هى شدة إضطراب حركة مياه البحر فهو متلاطم الأمواج خلاف النهر. وهذا بيان لكيفية مرجه.



تبقى كلمة " غدقا":

وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً [الجن : 16]

غدق: الدال والقاف تدل على دقة الشىء ونعومته والغين ألغت تلك النعومة وغيبتها فجعلتها " أسهل ما يكون وأيسر" فلا نبذل أدنى مجهود فى الحصول على الماء ( إنعدام العمل).

الأربعاء، 29 مايو 2013

أفرغ عليه قطراً



أفرغ عليه قطراً:

آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً [الكهف : 96]
قطر: القاف إنفجارية تدل على القوة كما تفيد التتابع المتصل المتسلسل والطاء حرف يدل على ليونة وطراوة والراء للتكرار.

هذه الكلمة أتت بصيغة " قطران" فى وصف أهل النار:

سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ [إبراهيم : 50]
قطران: هو القطر المسال ، فى حالة يمكن إستخدامه كطلاء وهذا لدخول حرفى "ان" عليه والتى تفيد بلوغ الشىء منتهاه بتحوله من الحالة الخام الى المنتج النهائى المسال.

سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار: حصر غشيان النار على الوجوه لكون القطران يمنع عنهم حرارة النار ، فى هذا المشهد من الجحيم.
وهذا القطر هو الذى أساله الله لنبيه سليمان عليه السلام كما ألان له الحديد:

وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ [سبأ : 12]
ما هو القطران:

الحُمَّـر Bitumen كلمة عربيّة تعني القار، القير، الزفت، الحُمَر، وتعني القطران الصخري. وهي مواد طبيعيّة أو اصطناعيّة، تكون صلبة لدنة أو سائلة لزجة، مؤلفة من مزيج فحوم هدروجينيّة ومشتقاتها (نواتج بلمرتها وأكسدتها)، ضخمة الجزيئات، داكنة اللون (سوداء أو بنيّة قاتمة)، متماسكة، قابلة للانصهار، غير طيّارة، ذات خواص لاصقة وغير نفوذة للماء. تُستحضر من معالجة البترول أو الفحم الحجري.


ومن خواصه:" يتمتع الحُمَّر بخواص مميّزة تعطيه أهمية صناعيّة كبرى، منها عدم نفوذية الماء وبخاره، والتوتر القوي عند سطح الفصل والالتصاق، والمقاومة الحراريّة والكهربائيّة، ومقاومة الحموض والقلويّات والأكسدة في مختلف الشروط، ومقاومة العوامل الجويّة"

وهو معروف منذ 5000 عام.
ملجوظة: النحاس لا يسال ولكنه يصهر وهو موصل جيد للحرارة والكهرباء.

أستخدام القطران يؤدى الى صلابة الحديد ويشكل طبقة طلاء تمنع الحرارة ونفاذ الماء والبخار وهى مكونات الحمم البركانية.

آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ، زبور داوود



آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ، زبور داوود

زبر:

حرف الزاى يدل على شدة إهتزاز وإضطراب فى الشىء ، يكفى أن يدخل على حرف اللام الذى يفيد الإتصال والتماسك ليعطى لنا معنى " الزلزلة" ، فيحرك اللام فى شدة وعنف هنا وهناك. كما يدل كذلك على الضيق فى الشىء.


الباء: يدل على الظهور والإنبثاق ، يكفى أن تسمع كلمة " بدر" لترى قوة الإنبثاق وظهوره .

ونعلم أن الراء تفيد التكرار وهى فى نهاية الكلمة تؤدى الى تكرار مطرد فى إزدياد حتى تبلغ الحركة غايتها.

نأتى الى المعاجم لنحقق ما فيها:

الزَّبْرُ (القاموس المحيط)
الزَّبْرُ: القويُّ الشديدُ

الصحاح فى اللغة : والزَبْرُ بالفتح: الزَجرُ والمَنْع. يقال: زَبَرَهُ يَزْبُرُهُ بالضمّ زَبْراً، إذا انْتَهَزَهُ " إنتهى

لسان العرب: "وزَبَرَه يَزْبُرُه، بالضم، عن الأَمر زَبْراً: نهاه وانتهره" إنتهى

لسان العرب:" وازْبَأَرَّ الرجلُ: اقْشَعَرَّ.

وازْبَأَرَّ الشعر والوَبَرُ والنباتُ: طلع ونَبَتَ.
وازْبَأَرَّ الشَّعْرُ إنتفش. إنتهى

نأتى الى القرءان و" زُبر الأولين" :

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) القمر
الحديث عن هلاك الأمم السابقة وكل شىء فعلوه ( كيف تعاملوا مع الرسالة وما إقترفوه من طغيان وظلم) كله موجود فى الزبر ، هذه الزبر هى الزاجرات لنا لتنهانا عن أن نكون مثل الأولين، نقرأها أو نسمعها فتقشعر أبداننا ( الإنتفاش) ، هى القصص الحق من رب العالمين ، ذكر خبر السابقين وذكر عذاب الجحيم. نقرأها فتقشعر أبداننا.

وقد كان لداود عليه السلام " زبوراً" ليزجر به قومه:


وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً [الإسراء : 55]
وبهذا نفهم الأية التالية أنه بعد إنتهاء ذكر هلاك إحدى الأمم الباغية كتب الله أن الأرض يرثها عباده الصالحون ( وأورثناها قوماً أخرين):

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء : 105]
الزبور: قصص قرءانى يزجرنا وينهانا عن معصية الرسول وعن أن نكون مثل السابقين من الأمم الهالكة.

نقرأ:


وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ [فاطر : 25]
البينات: قد تكون مادية حسية أو معنوية

الزبر: الزاجرات الناهيات

الكتاب المنير: هو تبيان كيفية أن تكون على الصراط المستقيم ، كيفية الوصول الى الله وبيان أوامره ونواهية ( الطاعات والعبادات ).

إقرأ سورة الشعراء حتى تاتى الى الأيات:

فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) الشعراء
وإقرأ بعدها:

أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)

 
وإنه لفى زبر الأولين: تعود على القصص الحق فى الأيات الزاجرات الناهيات التى جاءت الأولين.
نفهم الأن مطلع سورة الصافات:

وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4)الصافات
نأتى الى ذى القرنين:

زبر الحديد:


لسان العرب:"
وزُبْرَةُ الحدّاد: سَنْدَانُه" إنتهى

ما هو السندان؟
لسان العرب: "والسَّندانُ الصَّلاءَةُ" إنتهى

جميل قول اللسان أن السندان هو الصلاءة ! ( راجع بحث المفهوم الخاص والعام للصلاة) .

زبر الحديد : هو الحديد الساخن أو المسخن والمطروق.

لنؤكد المعنى نأتى الى الأية الكريمة:


آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً [الكهف : 96]
آتونى زبر الحديد

حتى إذا ساوى بين الصدفين
قال إنفخوا

حتى إذا جعله ناراً

لا حظ التتابع!

ينفخوا فى ماذا؟ فى الحديد ، وهل النفخ فى الحديد يجعله ناراً؟ إلا إذا كان حديداً ساخن وملهلب.


هناك أية لم نذكرها:

فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون : 53]

فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً: زبراً هنا تفيد شدة الصراع بينهم كالديوك التى ينتفش ريشها حال تصارعها وتتناتف فىيما بينها الريش.

السبت، 25 مايو 2013

يأجوج ومأجوج

يأجوج ومأجوج:

هذا التركيب ورد فى سورة الكهف:


حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) الكهف

فى القصة هناك ثلاث أماكن بلغها ذو القرنين:

1- مغرب الشمس

2- مطلع الشمس

3- بين السدين

ليس هناك إشارة نفهم منها أن مطلع الشمس هى المكان بين السدين ولكن خلاف هذا ، ذلك لأن ذى القرنين عندما بلغ مطلع الشمس وجد هناك قوم ثم بعدها أتبع سبباً وذهب الى مكان من أخر وهو " بين السدين". وهنا دارت قصة السد أو الدم.

والسؤال هنا: هل ذو القرنين كان يتحرك تقدماً من مكان الى أخر؟ يبدو ذلك وعليه يكون مغرب الشمس النقطة الأولى ومطلعها الثانية وبين السدين مكان يأتى بعدهما.

غروب الشمس فى عين حمئة: الغروب هو ذهاب ضوء الشمس وحلول الظلام ( سواد الليل) أو ذهاب النهار بالكامل ودخول سواد الليل وليس كما يفهم البعض أو يحب أن يفهم بأنه نزول الشمس فى الأفق ( راجع كلمات "غرابيب" " غريب" غربة" "غراب" وغيرها من مشتقات الغين والباء).

والعين الحمئة: هو ما يسمى بشفق الغروب والذى يستمر لفترة طويلة ولا يدخل الليل، هذه الجزئية يفهما القارىء من المقطع التالى:

"
يقرر المشتغلون بعلم الفلك أن البلاد الواقعة بين دائرتى عرض 50و60 شمالا وجنوبا تشرق فيها الشمس وتغرب بانتظام طوال العام إلا فى الشهور الصيفية ويقولون أن الشهور الصيفية لا يظهر ظلام الليل فيها وإنما الظاهر هو شفق الغروب – أى غروب الشمس – وشفق الشروق – أى شروق الشمس – وهما متصلان وتفصيل حكاية الشفق حسب أقوالهم هو :
-
من 1 مايو :15 منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى عرض 60:58 .
-
من 15مايو :31 منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى 60:54 .
-
شهرا يونيو ويوليو لا يغيب فيهما الشفق ابتداء من دائرتى 60:50 .
-
من1 أغسطس :15 منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى 60:54 .
-
من 15 أغسطس :31منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى 60:56 " إنتهى الإقتباس

عدم غياب الشفق وعدم حلول ظلام الليل هو غروب الشمس فى عين حمئة.

مطلع الشمس على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً: قد يكون إحدى المناطق التى يصل فيها النهار 6 أشهر.

من هنا قد يمكننا تحديد منطقة بين السدين وربما تعنى منطقة بين قارتين على أساس أن اليابسة مقارنة بالماء كالسد. عموما لا يهمنا تحديد الأماكن ، فما يعنينا هو تركيب " يأجوج ومأجوج".

يأجوج وماجوج مفسدون فى الأرض: هذا لا يقول بأنهم قوم ، ولا نقول ما لا تقوله الأية.

يؤج: الهمزة على الواو ، واو المكان، تفيد عن حركة مضطربة مستثارة هائجة ، هذا الإضطراب يبلغ ذروته بالجيم والتى تنقله من دخل المكان الى خارجه.

مأجوج: المكان الذى يتم فيه " الأج" ويأجوج : الذى يؤج داخل المكان فيخرج منه

على القارىء أن يراجع المعجم تحت مادة "أجج"!

هنا حديث عن "نار ملتهبة" أو " ماء مغلى " أو " مكونات ملتهبة" تثور فى داخلها فتخرج فى صورة براكين.

وهذه البراكين مفسدة فى الأرض لما تسببه من دمار للناس والسكن والزرع وكل ما على الأرض. هل هنك فساد أكبر من هذا؟

ولصدها عن هذا الفساد كانت فكرة " الردم" المكون من زبر الحديد و" القطر" .

بعد ذلك تتابع الأيات:

قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الكهف

البعض يظن أن الأية 99 مرتبطة بتهدم الردم المذكور قبلها على أساس خروج ما يسمى بقوم يأجوج ومأجوج.

نقرأ معها أيات الأنبياء:

حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) الأنبياء

وهم من كل حدب ينسلون: من كل حدب تعنى "من كل" ولا تعنى المكان المحدد لقوم يأجوج ومأجوج خلف أو أسفل الردم كما يظن البعض.

حدب: المعاجم تقول أن ما إرتفع وغلظ من الأرض أو ظهور الظهر ودخول الصدر والبطن. وقالت أشياء أخرى.

حدب: كلمة " دب" تدل على حركة ودخول الحاء عليه أفهمنا أن الحركة تتعاظم وتكبر.

ولهذا جاء ضمن أقوال المعجم " لسان العرب" :
الأَزهري: حَدَبُ الماءِ: ما ارْتَفَع مِن أَمْواجِه. قال العجاج: نَسْجَ الشَّمالِ حَدَبَ الغَدِيرِ وقال ابن الأَعرابي: حَدَبُه: كَثرتُه وارْتِفاعُه؛ ويقال: حَدَبُ الغَدِير: تحَرُّكُ الماءِ وأَمْواجُه، وحَدَبُ السَّيْلِ: ارْتِفاعُه.
وقال الفرزدق: غَدا الحَيُّ مِنْ بَينِ الأُعَيْلِمِ، بَعْدَما * جَرَى حَدَبُ البُهْمى وهاجَتْ أَعاصِرُهْ(1) (1 قوله «الأعيلم» كذا في النسخ والتهذيب، والذي في التكملة والديوان الاعيلام.) قال: حَدَبُ البُهْمَى: ما تَناثَر منه، فَرَكِبَ بعضُه بَعْضاً، كَحَدَب الرَّمْلِ." إنتهى

لا حظ أخر جزء فى إقتباسنا الأخير: " حدب البهمى : ما تناثر منه فركب بعضه بعضا".

ما تناثر منه : هنا الحركة بفعل الدال والباء ، فركب بعضه بعضا : تعاظم الحركة.

كلمة " ينسلون" جاءت فى موضع أخر:


وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ [يس : 51]
وهذا هو ما سيحدث ، إضطراب ما بداخل الأرض ( المأجوج) بحركة العظام فتركيبها فكسوتها لحما ( يأجوج) وذلك ببعث من فى القبور ،أن كانوا فى باطن الأرض أم فى أعماق البحار والأنهار.

يأجوج ومأجوج فى أية الأنبياء وكذلك قوله " تركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض" فى موضع الكهف تعنى بعث من فى القبور وإختلاطهم فيتعارفوا فيما بينهم.