إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 30 أبريل 2013

هل الخمر حرام؟



هل الكحوليات بأنواعها حرام؟

هذا السؤال قديم قدم نزول القرءان، من عاصر الرسول عليه السلام سألوه كما سألوا عن الإنفاق ( ماذا ينفقون؟) وأرادوا إجابة صريحة ، تحدد إن كان الخمر حراما أم حلالا وتحدد لهم قيمة مقدرة لما ينفقوه.

ولكن الإجابة أتت مغايرة لما رجوه ، كيف ذلك؟

لعل قارىء القرءان يتسائل عن الربط بين الخمر والميسر فى الأية التالية والإنفاق:


يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [البقرة : 219]


والرابط بينهما هو الإبتلاء والإختبار وحرية الإختيار . الأية تقرر حقيقة ناصعة للناس وهى منافع الخمر والميسر وإثمهما مع تغليب الإثم عن المنفعة فيها. وتعطى سقف عام للإنفاق وقاعدة له فى ذات الأمر وهو " العفو" وكما أوضحنا فى بحث عن الإنفاق أن العفو هو التسامح فى العطاء. القضية ليست فى قيمة ما نعطى ولكن فى تسامحنا فيه ، أن نعطى وقلوبنا وجلة ولا نمن على من نعطيه ولا ننفق رئاء الناس:

وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون : 60]
وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً [النساء : 38]

وإنظر الى خاتمة الأية 219 البقرة :" كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ".

الله يقول أنه بين لنا الأمر لعلنا نتفكر، فهل نحن فاعلون؟ وما جاءت به الأية هو بينة وإجابة سؤالهم.

نأتى الى الخمر والميسر وقد أوضحنا أن الخمر والميسر هما طريقة تصنيع الكحوليات بأنواعها ويتمثل الخمر فى إضافة الخميرة والملح والميسر فى خلطها مع نوع الفاكهة وهرسها لتتفاعل وينتج عنها المشروب الكحولى.

هناك أية تنهى عن قرب الصلاة ونحن سكارى حتى نعلم ما نقوله:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء : 43]

ويبدو أنهم إلتزموا بالأمر بالبعد عن الصلاة فى حالة سكرهم ولكنهم شربوا المسكرات وهجروا الصلاة وهذا ما أوضحته الأية التالية":

إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة : 91]

فهل أنتم منتهمون : لا نساوي بينها وبين قوله :" إنتهوا خيرا لكم" :

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً [النساء : 171]


فهل أنتم منتهون: إستفام ينكر عليهم فعلهم بتركهم الصلاة وبعدهم عن ذكر الله لسكرهم وعدم معرفتهم ما يفعلون ويقولون ولكنه لا يحرم الخمر والميسر.

وفى نفس سورة المائدة جاءت أية تقول:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة : 90]


نحن لنا بحث يقول بأن الأنصاب والأزلام هى مصارعة الوحوش والطيور والمراهنات ).
الأنصاب والأزلام تم تحريمها مع أية الطعام.

الأية 90 المائدة إختلف الناس عليها ، هل هى تحرم الخمر والميسر ؟

الفيصل فى الأمر دون الخوض فيما قالوا وما قد نقوله فيها هو ترتيب نزول سورة البقرة والمائدة:

سورة البقرة جاء فيها السؤال عن الخمر والميسر والإجابة كما ذكرت الأية فى بيان منافعها وإثمها وإثمها أكبر، بينما سورة المائدة جاءت بأمر إجتناب رجس الخمر الذى هو من عمل الشيطان. ولو كانت المائدة سابقة فى النزول وهى التى قالت بأنها من عمل الشيطان لرجسها والبقرة متأخرة عنها وهى التى جاء فيها السؤال عن الخمر والميسر لكان ما جاءت به المائدة لا يحرمها .

أية تحريم المطاعم أتت أربع مراة وهى بترتيب المصحف:


إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة : 173]

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة : 3]

قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الأنعام : 145]

إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النحل : 115]

نقارن بداية كل أية منها:


إنما حرم عليكم: البقرة

حرمت عليكم : المائدة

قل لا أجد فى ما أوحى الى: الأنعام


إنما حرم عليكم: النحل



أية الأنعام مفهوم أنها تتكلم عن أمر قد تم تحريمه من قبل،

أيات البقرة والنحل التى بدأت " إنما حرم عليكم" فيها إستدراك وتأكيد على أمر قد تم من قبل.

أية المائدة والتى بدأت " حرمت عليكم"  تأتى بالحكم لأول مرة وقد جاء مفصلا مقارنة بالأيات الأخرى.


لهذا تكون المائدة سابقة للبقرة التى جاء فيها السؤال عن الخمر والميسر، هذا لأنهم لم يفهموا ما جاءت به المائدة على أنه تحريم للخمر والميسر.

هل إذا الخمر والميسر حلالاً لنا ؟

القرءان أعطى إطار عام علينا لا نخرج منه وهو:


لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93) المائدة

لا حظ التتابع:
فيما طعموا / إذا ما إتقوا ( هذا هو الحاكم لنا) وأمنوا وعملوا الصالحات ( من يشرب للثمالة لا يتقى ولا يعمل الصالحات) / ثم إتقوا وأمنوا ( ما زال فى وعيه) / ثم إتقوا وأحسنوا ( لم يمنعه الشرب من التقوى وما فوقها من إحسان ).
الخلاصة: شرب الخمر والميسر ليس حراما إذا ما أمنا وإتقينا وأحسنا.

وقد ينقسم الناس الى ثلاث طوائف:

فئة تأخذ بالتقية وتمتنع عن شرب الخمر والميسر تجنباً لإثمها الكبير ونحن منها وهى لا تمتنع تحريماً له لأنها لا تحرم ما لم يحرمه الله.
فئة أخرى تشربه فى حدود المعقول مما لا يفقدها إيمانها وعملها الصالح.
فئة تشربه وتبغى على نفسها فيبعدهاذلك عن ذكر الله والصلاة.

وعليه نفهم الأية التالية بصورة أخرى مغايرة:

وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [النحل : 67]

نحن اثبتنا أن النخيل هى كل شجر مثمر ( صنوان وغير صنوان) كالبلح وقصب السكر والتفاح والخوخ والمشمش وغيرها والأعناب هى كل ما يثمر حبات مملوءة الماء كالتوت والكريز وما نعرفه بإسم العنب.


رزقا حسناً: فى بيع الثمار نفسها ، خام  كانت  أم مصنعة فى أى صورة.
 
سكراً حسناً: لمن يحسن ، والسكر هو شرب خمرة الثمار .

هناك تعليق واحد: