إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 26 أكتوبر 2014

لو أن قرءانا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى


لو أن قرءانا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى:

هل من الممكن تكليم الموتى بالقرءان؟ أو تسيير الجبال؟

هذا ظن الذين يفترون على الله الكذب.

عندما نقرأ الأية بتمعن:

{ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) } (سورة الرعد 31)

نقف كثيراً عند قول الأية :" أفلم ييئس الذين أمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً"،

وهذا هو مفتاح تدبر الأية، الذين أمنوا كانوا يتمنون ويرجون أن لو أمن أهلهم جميعاً، وكانوا يرون أن السبيل إلى ذلك هو إنزال أية حسية كالتى أتاها الله موسى عليه السلام.

هذه الفرضية: لو أن قرءانا سيرت به الجبال إلى أخر هذه الجزئية، هذه الفرضية توقفها وتلغيها ما جاء بعدها وهو :" بل ( ركز شوية فى " بل") لله الأمر جميعاً. المعنى هو أنها ليست قضية إنزال أيات حسية أو قرءان يكلم به الموتى وتسير به الجبال، المسألة هى أن الله يفعل ما يريد ، لله الأمر جميعاً. وأن الإيمان متوقف على مشيئة الله وقد أوضحنا فهمنا للمشيئة ومختصرها هو أن من يسعى للهداية ويفتح قلبه لكلام الله سيضعه الله على الطريق المستقيم، أما من يثنى صدره ويستغشى ثيابه فلن يمنعه أحد عن ذلك.

نرجع قليلاً إلى ما قبلها من أيان فنجد:

{ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) } (سورة الرعد 18)

تجد أن الأمر متعلق بإستجابتك أنت أولا لكلام الله ، إن فعلت لك الحسنى وإن أعرضت وتوليت فما لك من هاد.

ونرجع مرة أخرى إلى ما قبلها:

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) } (سورة الرعد 7)

هذا مطمع الذين كفروا وهو أية حسية ، أن يكون للنبى عليه السلام جنة من نخيل وأعناب ويفجر فيها الأنهار تفجيراً أو أن يأتى معه الملائكة. أو أن يؤتى مثل ما أوتى موسى عليه السلام.

تأمل الأية اللاحقة:

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) } (سورة الرعد 38)

الرسول لا يقدر أن يأتى بأية من عندياته، كله من أمر الله وإرادته.

تأمل ماذا قال الله للمؤمنين فى سورة البقرة:

{ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108) } (سورة البقرة 108)

بنو إسرائيل سألوا أن يروا الله جهرة وجعلوا شرط الإيمان بالرسول أن يأتيهم بقربانا تأكله النار ولكنهم كفروا بعدها.

وتقرأ من الأعراف:

{ تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) } (سورة الأَعراف 101)

هناك أقوام جاءتهم أيات حسية فكفروا بها ، الأيات الحسية لا تنفع جاحد ومعرض عن الذكر.

وإقرأ هذه جيداً ، هذه الأية ومثيلاتها تجدها كثيرا فى القرءان، لأن الأيات الحسية كانت شاغل المؤمنين والكافرين:

{ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97) } (سورة يونس 96 - 97)

ونقرأ:

{ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124) فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) } (سورة الأَنعام 124 - 126)

وإذا جاءتهم أية: المقصود هو الأيات الكونية من خلق الشمس والقمر وتعاقب الليل والنهار وإنزال الماء فإحياء الأرض بعد موتها وغيرها الكثير.

وهذا لم يكفيهم وأرادوا أيات حسية خارقة. إرادة الله بالهداية لا تعنى أن الكافر برىء من كفره لأن الله لم يرد هدايته ، إرادة الله تتحقق بأن يرسل رسولا ليتلوا علينا أياته ، فمن يسمع ويحاول أن يفهم يأخذ الله بيده إلى الصراط المستقيم.

القرءان ليس كلام سحر ، هو قول رسول كريم :

{ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) } (سورة التكوير 19 - 21)

فلا تتخيل أنك تغلق على نفسك الحجرة وتطفىء النور فتقرأ القرءان فتجد كنوز قارون خارجة لك من الأرض. ظنك هذا يجعلك تفهم أنه كتاب سحر والعياذ بالله وهو ليس كذلك لأنه كتاب هداية وموعظة للمؤمنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق