إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 26 أكتوبر 2014

ولمًا يدخل الإيمان فى قلوبكم

ولمًا يدخل الإيمان فى قلوبكم:

قال إبن كثي فى تفسيره :" وقد استفيد من هذه الاَية الكريمة أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة"

وسنبين خطأ هذا المذهب،

يعلل إبن كثير هذا المذهب بقوله :"ويدل عليه حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حين سأل عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان, فترقى من الأعم إلى الأخص ثم للأخص منه"

نذكر نص الرواية من البخارى :

50 حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا أبو حيان التيمي عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس فأتاه جبريل فقال ما الإيمان قال الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث قال ما الإسلام قال الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال ما الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك - ص 28 - قال متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربها وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عنده علم الساعة الآية ثم أدبر فقال ردوه فلم يروا شيئا فقال هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم .........

مذهب أهل السنة والجماعة يقول بأن الإسلام هو القول وأن الإيمان تصديق العمل للقول ، وهذا يخالف الحديث أعلاه. وحتى يخالف ما قاله إبن كثير لأن السؤال بدأ بالإيمان فالإسلام فالإحسان وهو عكس قول إبن كثير وعليه يكون الأعم هو الإيمان والأخص هو الإسلام ويتبعه الإحسان.

أنت ترى فى الحديث أن تعريف الإيمان لا يدل على عمل مطلقاً، ما هو إلا إيمان بالله واليوم الأخر وملائكته وكتبه ورسله وهذا مصداقا لقوله تعالى:

{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) } (سورة البقرة 285)

وتعريف الإسلام فى الحديث هو الذى يدل على العمل، فتجد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم وفوقهم عدم الشرك بالله ، كيف يشرك من قد أمن سلفا؟

القرءان أوضح ذلك:

{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) } (سورة يوسف 106)

والإحسان هو أعلى الدرجات لأنك تخاف الله فى كل سكناتك.

وهذا حديث أخر من البخارى يبين لك أن الإسلام ما هو إلا العمل:
11 حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله أي الإسلام أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده ."

وتجد حتى الحديث الذى يحفظه العامة عن ظهر قلب يعرف الإسلام بأنه القول والعمل:

8 حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان.

وإليك هذا الحديث:

12 حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا الليث عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف.

إطعام الطعام من الإسلام ، أليس هذا بالعمل وإن لم يكن أحسنها،

وقد وصفه القرءان بالبر:

{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) } (سورة آل عمران 92)

{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) } (سورة البقرة 177)

هذه أحاديث البخارى ، فعلى ماذا يستندون لإقامة مذهبهم؟

نأتى إلى الأية موضوع البحث:

{ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) } (سورة الحجرات 14)

ما المشكلة مع الأعراب؟

القضية أنهم لا يأتون إلى الرسول إن دعاهم ، لا يجاهدون فى سبيل الله ، لا ينفقون أموالهم فى سبيل الله و قد شهدوا بأن الله حق وأن رسوله صادق.

وماذا يريد منهم القرءان؟ القرءان يريد منهم أن يبرهنوا على صدق شهادتهم، يريد منهم الإنصياغ لأوامر الله ورسوله.

هو لا يريد أن يؤمنوا وحسب ، هو يريد أن يسلموا ، يسلموا وجهم لله ويطيعوا الرسول إن دعاهم.

قالت الأعراب أمنا: هذا قولهم

قل لم تؤمنوا: ينفى عنهم الإيمان

ولكن قولوا أسلمنا: هو يريد منهم أن يقولوا " أسلمنا"

ولما يدخل الإيمان قلوبكم: قولهم " اسلمنا" يتحقق عندما يدخل الإيمان قلوبهم.

كلمة " لمًا" تفيد تأكيد شىء قد تحقق فى الماضى أو سيتحقق فى المستقبل وإن طالت المدة.

أنت تقول :" سنأكل لما يجىء الضيوف" وتعنى أنه عندما يتحقق مجيئهم تبدأ الأكل.

لما: لا تنفى دخول الإيمان فى قلوبهم ولكنها تعلق حدوثه مستقبلاً وعندها يقولوا " اسلمنا" لأن المنتظر منهم هو الإسلام.

تجد فى كل القرءان خطابا إلى الذين أمنوا يحثهم على العمل وذلك لأن الإيمان لا معنى له بدون عمل:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) } (سورة البقرة 254)

الله مع من؟

{ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) } (سورة النحل 128)

رحمت الله ، كتبها لمن؟

{ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) } (سورة الأَعراف 156)

وتجد الأية القرءانية تبدأ بالمجمل وتتبعه بالتفصيل ، حيث العام هو الإسلام وتفصيله هو الإيمان وما تبعه من صفات تدل على العمل والتقوى:

{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) } (سورة الأحزاب 35

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق