إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 23 أبريل 2014

يوم التغابن

ذلك يوم التغابن ،

تفسير إبن كثير يقول : " قال ابن عباس: هو اسم من أسماء

يوم القيامة, وذلك أن أهل الجنة يغبنون أهل النار, وكذا قال

قتادة ومجاهد, وقال مقاتل بن حيان: لا غبن أعظم من أن يدخل

هؤلاء إلى الجنة ويذهب بأولئك إلى النار"


قولهم " هو إسم من اسماء يوم القيامة" هو قول من يجهل

المعنى ولم يقف عليه. 


وإن كان التغابن هو غبن أهل الجنة أهل النار حسب زعمهم ،

فماذا عن أهل النار؟ 


نسأل عن أهل النار لأن التغابن على وزن تفاعل ويدل على كل

واحد يغبن الأخر ، هو فعل متبادل بين طرفين ، مثل " تقاتل

وتشاحن وغيرها.

ولسان العرب أضاف على ما سبق قوله :ويَغْبِنُ من ارتفعت

منزلتُه في الجنة مَنْ كان دُونَ منزلته".

وهذا القول يتعارض كلية مع الأية الكريمة التى تقول:

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ

[الحجر : 47]

لأن الغبن وفقا لفهمه للتغابن ليس من عمل أهل الجنة مع

بعضهم البعض.

يقول القاموس المحيط : "والتَّغابُنُ: أن يَغْبِنَ بَعْضُهم بعضاً،

وبعدها يأتى بنصف المعنى ويقول:

ويَوْمُهُ: يَوْمُ التَّغابُنِ، لأنَّ أهْلَ الجنَّةِ تَغْبِنُ أهْلَ النارِ"

غريب أن يقول بأن التغابن هو غبن البعض للبعض الأخر ثم يأتى

ويقول بغبن أهل الجنة لأهل النار ويسكت عن أهل النار!

هم فهموا التغابن على أنك ترى ضعف رأى الأخر أو تنقص من

سلامة رأيه.

غبن: هذه الكلمة معكوس " نبغ" والنبوغ هو البروز والظهور

وعكسها هو الإخفاء أو الإختفاء.

الغبن فى البيع هو أن تخفى ما فى البضاعة من عيوب ولا

تظهرها للشارى.

التغابن: كل واحد يخفى شىء أو حتى نفسه عن الأخر ، وهذا

تفسره لنا الأية التالية:

فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ

(35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ

(37) عبس

فى هذا اليوم ، يوم الجمع كل واحد يختفى عن نظر الأخر ،

حتى عن أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.

هذا رأى ومعى رأى أخر وهو ما أميل إليه ،

نعلم الفعل " يمرض" و" يتمارض" ومن الأخير " التمارض"،

التمارض هو إدعاء ظاهرى للمرض وهذا الإدعاء قد يفلح معى

ولا يفلح معك أنت إن كنت طبيباَ ،

يوم الجمع تأتى كل نفس لتجادل عن نفسها ، وهى حتماً

ستدعى أنها لم تفعل ولم تعلم ، تحاول إخفاء الحقيقة وإنكارها

فى نفس الوقت،

وهذا يجعلنا أن نفهم الغبن فى البيع على أنه إخفاء العيوب مع

إنكارها ، أنت تعرض سيارة للبيع على سبيل المثال فتخفى

عِلة فيها ويأتى المشترى ويسألك إن كان فيها كذا وكذا فتأتى

وتنكر.

ولكن هذا التغابن لا يجدى لأن الله يعلم السر وأخفى ، نرجع

إلى الأيات الأولى من سورة التغابن ونقرأ فيها:

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ

وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ

وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ

بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ

الصُّدُورِ (4)

ونقرأ أيضاً:

زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ

بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7)

معانى الأيات من أن الله يسبح له ما فى السموات والأرض، كل

شىء يسير فى معية الله وقد شرحناها بإستفاضة، وأنه بما

نعمل بصير، ويعلم ما نسر ونعلن وأن سيعلمنا بما عملنا ،

ويأتى بعدها قوله تعالى:

فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8)

هو أمر بعظة لنؤمن بالنور ونتبعه ، من قبل أن يأتى يوم الجمع

وهذا ما جاء بعدها مباشرة، فى يوم الجمع يوم التغابن من

إختار الظلمات سيبرز للرحمن ولا تخفى منه خافية ، فلا يجدى

ولا ينفعه التغابن. هو مدعى وكاذب وهذا مفضوح ولا يخفى عن

الله العليم الخبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق