إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 5 مايو 2014

تسبيح الجبال والطير مع داود عليه السلام


تسبيح الجبال والطير مع داود عليه السلام،

الرواية الخرافية تقول وفقاً لما جاء فى إبن كثير:" وقوله: {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن

والطير} الاَية, وذلك لطيب صوته بتلاوة كتابه الزبور, وكان إذا ترنم به تقف الطير في الهواء

فتجاوبه, وترد عليه الجب
ال تأويباً"

فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ

[الأنبياء : 79]

الأيات تقول " معه" يسبحن و " معه" أوبى للجبال ، وهذا لا نفهمه على أنها ترد عليه أو تجاوبه

أو حتى كما قالوا " تُرجع" ما يتلوه أو تسبيحه.

" معه" تعنى أنها تشاركه ذات الفعل ، فهو يسبح وهى تسبح معه ، هو أواب وهى أوابة معه.

قد جاء وصف نبى الله دواود عليه السلام أنه " أواب":

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ [صـ : 17]

ولمعنى " أواب" ذكر لسان العرب نقلاً عن التفاسير :" . قال أَبو بكر: في قولهم رجلٌ أَوَّابٌ سبعةُ

أَقوال: قال قوم: الأَوّابُ الراحِمُ؛ وقال قوم: الأَوّابُ التائِبُ؛ وقال سعيد بن جُبَيْر: الأَوّابُ الـمُسَّبِّحُ؛

وقال ابن المسيب: الأَوّابُ الذي يُذنِبُ ثم يَتُوب ثم يُذنِبُ ثم يتوبُ، وقال قَتادةُ: الأَوّابُ الـمُطيعُ؛ وقال عُبَيد بن عُمَيْر: الأَوّاب الذي يَذْكر ذَنْبَه في الخَلاءِ، فيَسْتَغْفِرُ اللّهَ منه، وقال أَهل اللغة: الأَوّابُ

الرَّجَّاعُ الذي يَرْجِعُ إِلى التَّوْبةِ والطاعةِ".

ومن هؤلاء القوم وأيهم الأصوب؟

نلاحظ أن الجبال تفردت بالتسبيح معه بالعشى والإشراق ( لم تذكر الطير هنا):

إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)

ونلاحظ كذلك أنه فى حالة الطير قالت الأية " وكل له أواب" ، "له" وليس " معه" كما مع الجبال،

بل والجبال أوابة كذلك مع الطير. المعنى أن الطير أوابة له هو ، والجبال أوابه معه هو ومع الطير:

وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ [صـ : 19]

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ [سبأ : 10]

ونفرق كذلك بين سخرنا " معه" وسخرنا " له" ،

سخرنا له: تعنى أن حركتها من ذاتها ( بأمر الله) ولا تتوقف على حركته هو نفسه،

سخرنا معه: تعنى أن حركتها متوقفة على حركته هو، كلما تحرك أو فعل تشاركه الحركة أو الفعل نفسه.

الشمس والقمر سخرها الله " لنا" ، حركة الشمس فى فلكها وضياء الشمس ونور القمر وحرارة

الشمس لا أمر لنا فيه ، بل حركتنا نحن مقيدة بحركة الشمس والقمر.

التسخير سواء كان لنا أو معنا فيه إستفادة لنا من المُسخر، والفارق هو فى عمل المسخر إن

كان وفقاً لأمرنا أو كونه حركة طبيعية ذاتية فيه.

نصل إلى أن الجبال والطير تأخذ أمرها مباشرة من داود عليه السلام لتشاركه التسبيح.

" ما جاء فى كتب التفسير من أن الجبال تسير معه أو تُرجع تسبيحه فهذه أفكار خرافية ومن

قالها كان عاجز عن بيانها لأنه إصطدم بقوله تعالى " وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ

تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ" ولم تقل لنا الأيات أن داود عليه السلام يعلم لغة الجبال، هذا إن كان لها

لساناً تنطق به أو حتى تعقل! ولن نعلق على كونها تسير معه."

نتابع مع الأيات:

ما معنى " الأوٌاب" ؟

رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً [الإسراء : 25]

قالت المعاجم :

اللسان: والتَّأْوِيبُ: أَن يَسِيرَ النهارَ أَجمع ويَنْزِلَ الليل.

وقيل: هو تَباري الرِّكابِ في السَّير

والأَوْبُ: سُرْعةُ تَقْلِيبِ اليَدَيْن والرجلين في السَّيْر

وفي حديث أنس، رضي اللّه عنه: فَآبَ إِلَيهِ ناسٌ أَي جاؤُوا إِليه من كل ناحيَةٍ.

وجاؤُوا مِنْ كُلّ أَوْبٍ أَي من كل طَرِيقٍ ووجْهٍ وناحيةٍ.

التهذيب: والوَبُّ: التَّهَيُّؤ للحَمْلةِ في الحَرْبِ، يقال: هَبَّ ووَبَّ إِذا تَهَيَّأَ للحَمْلةِ. قال أَبو منصور:

والأَصل فيه أَبَّ فقُلبت الهمزة واواً

القاموس المحيط:

الأبُّ (القاموس المحيط)

وأبَّ للسَّيْرِ يَئِبُّ ويَؤُبُّ أَبَّاً وأَبِيباً وأَبَاباً وأَبَاباً وأَبَابَةً: تَهَيَّأَ، كَائْتَبَّ،
و~ إلى وطَنِهِ أَبّاً وإِبَابَةً وأَبَابَةً: اشْتاقَ،

و~ يَدَهُ إلى سَيْفِه: رَدَّها لِيَسُلَّهُ.

وهو في أَبَابِه: في جِهَازِهِ.

وأَبَّ أبَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه.

وأبَّتْ أبابته ويُكْسَرُ اسْتَقامَتْ طَريقَتُهُ والأباب الماءُ والسَرابُ وبالضَمِّ مُعْظَمُ السَّيلِ وأَبَّ: هَزَمَ

بِحَمْلَةٍ لا مَكْذُوبَةَ فيها،
و~ الشيءَ: حَرَّكَهُ.

وذكر القاموس المحيط :

"والأَوْبُ:
السحابُ، والريحُ، والسُّرْعَةُ، وَرَجْعُ القَوائمِ في السَّيْرِ، والقَصْدُ، والعادَةُ، والاسْتِقَامَةُ، والنَّحْلُ،

والطريقُ، والجهَةُ، وورُودُ الماءِ لَيْلاً".

بعد هذه الجولة مع المعجم نحاول تبين معنى " الأوب"،

لماذا قالوا عن النحل والسحاب انها من معانى " الأوب"؟

أوب: الألف حركة تبدأ وتتحرك إلى مكان ( الواو) فتمتلىء بالباء ولأن الواو وسط بين الألف والباء (

وسط الكلمة عموما) تعود الحركة إلى أصلها ، بمعنى الحركة المتلئة ترجع إلى مبتدأها. وهذا

يصف بدقة النحل والسحاب، النحل يغادر الخلية يتحرك إلى الزهور فيملىء بطنه ويرجع إلى

خليته ، وقطرات الماء تتبخرفيينشأ السحاب الثقال فينزل منها الماء ليعود إلى مبتدأه وهكذا.

داود عليهم السلام وسليمان وأيوب كانوا " أوابين" لأنهم لزموا الطاعة لله وعملهم كان مثل النحل

أو السحاب، الإمتلاء عندهم كان من خشية الله وحركتهم كانت قصداً إلى الله،

مثل النهر الذى يجرى وجريانه ينتهى فى مصب الله.

نشرح ما فهمناه أكثر،

هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ق

الأواب شرحتها لنا الأية التالية لها، خشية الله وقلب منيب ( سليم ولزم الطاعة).

وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ [الرعد : 36]

وإليه مئاب : إليه القصد والمنتهى من عملى

هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ [صـ : 49]
هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ [صـ : 55]

أنا وأنت فى حياتنا الدنيا نعمل مثل النحل، من يمتص رحيق الزهور الطيبة ( العمل الصالح)

ويملىء بطنه منه ( كتابه) ويرجع إلى ربه الذى فطره وتجد عملك الذى عملته محضرا معك

سيكون الناتج حتماً عسلاً وإن إختلفت درجة نقاءه من إنسان إلى أخر،

وأما من ضل طريق الزهور الطيبة ونزع إلى الخبيثة ثم يرجع إلى ربه سيجد والعياذ بالله حميماً

وغساقاً. المآب هو المصب النهائى.

من المعانى الجميلة التى ذكرها اللسان :" ومَآبةُ البِئْر: مثل مَباءَتِها، حيث يَجْتَمِع إِليه الماءُ

فيها".

الأوب: هو التهيؤ والتجهز إلى غاية وقصد والعودة إلى نقطة البدء.

الأواب: هو من إمتلىء قلبه خشية وطاعة لله، أو من جهز نفسه وهيأها لطاعة الله ولزمها (

الطاعة).

ومن صفات الأواب اللازمة له أنه حفيظ ، يحفظ أوبته أو ما جهزه وهيأ نفسه له مستقيماً على الطريقة.

نتابع مع شروح الكلمات:

الطير محشرة:

الحشر: هو جمع و تحديد حركة ومنه حشر الإبل وكذلك يوم الحشر ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً )
ونقول " الحشرة" لدقة ومحدودية حجمها.

طير (مقاييس اللغة)

الطاء والياء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة الشَّيءِ في الهواءِ.ثمَّ يستعار ذلك في غيرِهِ وفي كلِّ سُرع

جبل: الجيم للتعاظم والباء واللام للإمتلاء المتصل أو للغلظة ،

اللسان:

وثوب جيد الجِبلة: أى جيد الغزل والفتل

ورجل جَبْل الوجه: غليظ بشرة الوجه

ويقال رجل جَبَل من الجبال إذا كان عزيزاً

إنتهى

وقوله تعالى " وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ [يس : 62]

جبلا كثيراَ: هم غلاظ الإحساس ( المدلول المعنوى لجبل) ولا تعنى الجماعة من الناس كما قالوا. وهذه الكلمة تُستعمل فى اللسان المصرى لكل من هو عديم الإحساس أو غليظه الذى لا يؤثر فيه شيىء .

الله ألان لداود عليه السلام الحديد وشدً ملكه، والعمل فى الحديد يتطلب رجالاً اشداء غلاظ وخاصة ونحن فى عصر تنعدم فيه الألة التى تجعلها شيئاً يسير،

والجبال هى وصف لكل ما هو متعاظم وممتلىء ، قد يكون جبال الرمال والحجارة أو جبال من بَرَد

( السحاب المحمل بالماء) أو تكون وصف لرجال غلاظ اشداء.

وهذا ما يحتاجه داود عليه السلام فى إستخراج وتصنيع الحديد من الجبال أو قشرة الأرض أو

أماكن تواجده وهو يحتاجهم فى حروبه كقادة أشداء لا يهابون العدو ( راجع أعلاها معنى الوب

وهو التجهز للحرب أو التعبئة العامة للجند)..

وهؤلاء الرجال الغلاظ كانت حركتهم مرتبطة كلية مع داود عليه السلام ، هم بالنهار يعملون معه

فى صناعة الحديد ( الأسلحة وغيرها) وفى تجهيز وإعداد الجند وأطراف النهار معه فى الصلاة (

بالعشى والإشراق) ، الطير لم تذكر فى أية التسبيح بالعشى والإشراق..

الطير تعمل هى الأخرى وعملها يبدأ مع الإشراق وتوب " إليه" بالعشى ، العودة بالعشى من

المعانى التى ذكروها وأراها فى هذا السياق هنا صحيحة المعنى..

هى محشورة فى مرابضها وتطير لإنجاز مهمة حربية وبعدها هى أوابة له ، تقصده وترجع إليه.

الطير هنا هى الخيل.

عُلمنا منطق الطير: ترويض الخيل وأستخدامها فى القتال.
تفقد الطير: سلاح الفرسان

تسبيح الجبال والطير: هو عملها معه لإنجاز مهام محددة.

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ [سبأ : 10]

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ

بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) ص

فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ

[الأنبياء : 79]

وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ

الْمُبِينُ [النمل : 16

هناك تعليق واحد:

  1. سلام

    ●أولا نسف قولك حول معنى "الطير" وانها (الخيل!!)
    قال تبارك وتعالى:

    ○أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)الملك

    ●ثانيا نسف قولك حول عدم تسبيح الطير.
    قال تعالى :
    ○أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)النور.

    (ذكر الطير هنا جاء لأنها بين السماء والأرض (جو السماء))
    والله أعلى وأعلم بعلم اليقين .

    ردحذف