إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 21 يناير 2014

الشيطان الرجيم

الشيطان الرجيم:

وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ [الحجر : 17]

رسخ عندنا فهم الرجيم على أنه إسم مفعول واقع عليه فعل الرجيم، والمتأمل فى الأية السابقة يجده إسم فاعل يفعل الرجم وهو على وزن فعيل كرحيم وقدير وعليم.

إسم المفعول هو " مرجوم" :
قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشعراء : 116]

فكيف أصبح إبليس " رجيم" ؟
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [الحجر : 34]

هذا حدث لأنه إدعى علم الغيب:
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ [الأعراف : 12]

قوله أنه أفضل منه هو رجماً بالغيب وإن ذكر حجته وهى أن هذا المخلوق الجديد من طين ، بينما هو من نار.

القرءان ينفى عن نفسه أنه قول شيطان رجيم ، رجيم لأنه يتكلم بدون علم وكلامه ما هو إلا رجما بالغيب:
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ [التكوير : 25]

من أين يأتى الرجم؟

ضارب الودع أو قارىء الفنجان يحاول أن يستخلص ويستخرج من الغيب معلومات هى ظنية لا تأتى إلا من الظن وإن كان يظن أنه عن علم منه.

وهذه العملية تقوم برج الودع والرج يكون بتحريك ما فى الداخل بشدة مع تكرار ، حرف الجيم منجذب بشدة إلى الداخل ولأن الراء تسبقه تحاول إخراجه ولكنها لا تفلح ، فيحدث عن ذلك صراع داخلى بين الراء والجيم ، محاولة الإخراج ومحاولة البقاء فى الداخل.

فما دور الميم هنا؟
الميم تحاول إصلاح الأمر أو التوفيق بينهما، لأن عمل الميم إتمام الحركة السابقة ولكنها متصارعة ، فهل تقف الميم متفرجة؟

ما الذى يحدث عند الترجمة؟ أن تحول نص من لغة إلى أخرى يفهمها الأخر،

وساعد فى ذلك حرف التاء، تاء الجهد الذى ضاعف من جهد الراء فتمكنت من إخراج الحركة الداخلية أو المعنى من داخل الجيم وتم ذلك بالميم.

ولكن فى " رجم" غابت التاء ، فصعب معه إخراج المعنى على حقيقته ونتج معنى ظنى لا يرقى إلى الحقيقة،

هو إعتمد معطيات توهمك أنك إستدليت على المعنى ظناً منك أنه حقيقى.

وهم: الواو للقوة والهاء للتلاشى ، وه : هذان الحرفان لا تتشكل منهما كلمة ذات دلالة ، أنت لا تعرف إن كان المعنى هو تلاشى القوة أم ماذا؟

وهذا ما تسببه الميم فى " وهم" ، الميم تتم الحركة السابقة ولأنها قد تلاشت فتوهمك أنها قد أتمتها وتمامها المفروض أن يرجعها إلى قوتها ولكن هذا غير ممكن تحققه لأنه لا يوجد شىء لإتمامه وهذا هو الوهم.

فى " رجم" الميم توهمك تمام حركة الراء أو توهمك أن الراء قد تمكنت من إخراج الجيم من الداخل فتعطيك معلومات مغلوطة لا علاقة لها بالداخل البتة.

وهذا هو الدور الذى لعيته الميم ، حافظت على بقاء الجيم فى الداخل لأنها لا تقوى على إخراجها وقامت بإيهام الراء أنها تمت عملها.

لهذا نستعيذ من الشيطان الرجيم حتى لا نقع فى هذا الوهم أو الظن الغيبى فنظن بالله الظنون رجماً بالغيب.
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل : 98]

فكيف يرجم إنسان أخر؟
قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ [هود : 91]
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ [يس : 18]

فى أية يس جمعوا بين الرجم والعذاب الأليم، لو كان الرجم هو الطرد لكان ذكر العذاب لا معنى له.

فى خضم المعانى الكثيرة التى ذكرتها المعاجم وإتساقا مع ما نذهب إليه يكون رجم إنسان بالقول السىء عليه ما ليس فيه  أو وصفه بما ليس فيه كقولهم مجنون وساحر وكاهن.
لسان العرب: والرَّجْمُ القول بالظن والحَدْسِ، وفي الصحاح: أَن يتكلم الرجل بالظن؛ ومنه قوله: رجْماً بالغيب.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق