ماذا ننفق؟

يسألونك ماذا ينفقون قل العفو:

العفو يترجمه البعض على أنه الفائض عن الحاجة ، وهذا عندنا فيه نظر.

الفعل يعفو تكرر فى القرءان ومنه الأية التالية:

وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة : 237]

إلا أن يعفون : العفو هنا هو ترك وتنازل المطلقة عن نصف الفريضة ( الصداق) .

إذا كان العفو يعنى تنازل عن الشىء وتركه فيكون الإسم لا يخرج عن هذا المعنى.

يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً [النساء : 153]

فعفونا عن ذلك : أعطانا معنى أخر للعفو وهو كأنه لم يكن.

وهو يأتى بمعنى أن نقابل السوء كأنه لم يكن:

إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً [النساء : 149]

أصبح لدينا للعفو مفهوم يدور فى معنى التسامح و التنازل .

فكيف ننفق العفو؟

لو معك 100 جنيه وتصدقت ب 20 جنيها تكون هذه ال 20 جنيها هى ما عفوت عنه من ال 100 جنيه ،
بمعنى أنك تسامحت فيها وتنازلت عنها  لتصبح فى ملك رجل أخر أو إمرأة.

وهذا العفو يقابله الإنفاق بكره:

وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة : 54]

ومن ينفق وهو كاره وغير متسامح لن يقبل منه.

ومن ينفق رئاء الناس لن يقبل منه:

وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً [النساء : 38]

الإنفاق يكون إبتغاء مرضات الله:

وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة : 265]

وألا نتبع ما ننفقه المن ( تطلب منه مقابل بأن يدعو لك وغيره ) والأذى ( كأنك تقول لمن تعطيه : خذ وإمشى أو تعطى وتقول " علشان يتمر فيك زغيره كثير).

الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 262]

قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ [البقرة : 263]

وفى السراء والضراء:

الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران : 134]

وأن ننفق مما نحبه ، وليس مما نكره ، لا ننتقى أسوأ ما نملك للننفقه:

لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران : 92]

من عاصر الرسول عليه السلام ألحوا فى السؤال عن قيمة ومقدار ما ينفقون وكانت الإجابة دائماً " لا تحديد من الله" فهو متروك لصاحب المال وهنا يكمن الإمتحان .

إنظر للسؤال فى الأية التالية وتدبر كيف كانت الإجابة:

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة : 215]

ماذا ينفقون؟

ما أنفقتم من خير : هذه الإجابة تترك لنا القيمة والمقدار وتصفه هنا بالخير .

وهذا الإنفاق هو الصدقة التى نعطيها لنزكى أنفسنا فهى الزكاة العينية أو المادية:

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة : 103]

الجنة درجات والإنفاق تنافس بين الناس ( من أمن منهم) لينالوا هذه الدرجات:

خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين : 26]

هناك من يبخل ويأمر الناس بالبخل ويحدد نسبة الإنفاق ( الزكاة) بمقدار :

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [الحديد : 24]