المن والسلوى

المن والسلوى

وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة : 57]

المن هو عسل النحل.

تحقيق المعنى:

المن هو العطاء بدون مقابل:

لا تبطلوا صدقاتكم بالمن، بأن نقول لمن نعطيه "مننت عليك" أو أعطيك بدون مقابل وذلك لأنه نوع من التفاخر ، علينا أن نعطى ونصمت:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة : 264]

ولقد مننا على موسى وهارون بأن أعطيناهما دون مقابل:

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ [الصافات : 114]

من (مقاييس اللغة):

الميم والنون أصلان. أحدهما يدلُّ على قطع وانقطاع، والآخر على اصطناع خير.الأوّل [المنّ]: القطع، ومنه يقال: مَنَنْتُ الحبلَ: قطعته. قال الله تعالى:
فلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [التين 6].

ما ذكره المعجم من معنى القطع اذا كان الفعل متعدى لمفعول به كقولنا:" مننت الحبل"

ومنه فى القرآن:

أجر غير ممنون ، غير مقطوع لا ينتهى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [فصلت : 8]

نقرأ المعادلة:

وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ [المدّثر : 6]

لا تمنن تستكثر : عطف بدون حرف عطف لإبراز التنافر والتناقض بين فعل المن الذى هو العطاء دون مقابل والإستكثار وهو طلب وإنتظار أن نأخذ أكثر مما أعطينا، فهذا لايستقيم مع ذاك.

الأية بمنطوق بشرى: لا تعطى بدون مقابل وفى ذات الوقت تطلب المقابل الكثير

النحل:

يقول المعجم ( مقاييس اللغة) :" ويقولون النُّحْل: أن تُعطِيَ شيئاً بلا استِعْواض." إنتهى

وهذا هو معنى الكلمة فى السريانية.

وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً [النساء : 4]

هنا أمر بأن نؤتى النساء صدقاتهن نحلة بأن لا نأخذ مقابل أو عوض عنه أو ننتظر أن نأخذه كله مرة أخرى، وإن تنازلوا لنا بطيب نفس عن بعض منه فلنا حينها أن نأخذه.

لهذا إستحقت "النحلة" أن تحمل هذا الإسم لأنها تعمل وتعطينا ناتج عملها دون مقابل أو دون إنتظار أجر عليه.

وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) النحل

وهذا العطاء لا يوصف الا بكلمة " المن".

السلوى:

سلو/ي (مقاييس اللغة):

السين واللام والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خفض وطيب عيش.
ومن ذلك قولهم فلان في سَلْوَةٍ من العيشِ، أي في رَغدٍ يسلِّيهِ الهم. إنتهى

وحتى نفهم أكثر نقرأ ايضا:

سلل (لسان العرب):
السَّلُّ: انتزاعُ الشيء وإِخراجُه في رِفْق

والسَّلَّةُ: السَّرِقة، وقيل السَّرِقة الخَفِيَّةُ

أجمل من ذلك نقرأه فى لسان العرب:

ابن سيده: والسَّلْوَة والسُّلْوانة، بالضم، كلاهما خَرَزة شَفَّافَة إذا دَفَنُتها في الرمل ثم بَحَثْت عنها رأَيْتها سوداء يُسْقاها الإنسانُ فتُسْلِىه

وذكر ايضا: لسَّلى الجِلدُ الرقيقُ الذي يَخرَّجُ فيه الوَلد من بطْنِ أُمِّه مَلْفوفاً فيه، وقيل: هو في الماشية السَّلى، وفي الناسِ المَشِيمة، والأَوَّل أَشْبَه لأَنّ المَشِيمة تخرُج بعد الوَلد ولا يكون الولد فيها حين يخرج

ومن نقرأه الأن نضع تحته خط:

سلا (الصّحّاح في اللغة):

والسُلْوانَةُ بالضم: خَرَزةٌ كانوا يقولون إذا صُبَّ عليها ماءُ المطر فشرِبَه العاشقُ سلا

مما سبق نخلص الى أن "السلوى" هو الشىء الذى يكون داخل غشاء يخفيه فنخرجه برفق ونسعد به وهو من رغد العيش

نقارن ذلك مع ما نقرأه الأن:

الكمأة:

كمي (مقاييس اللغة)

الكاف والميم والحرف المعتلُّ يدلُّ على خفاءِ شيء.
وقد يدخل فيه بعضُ المهموز (  كمأ ). من ذلك كمَى فلانٌ الشّهادةَ، إذا كَتَمها

كمأ (لسان العرب)
الكَمْأَةُ واحدها كَمءٌ على غيرِ قياس، وهو من النوادِرِ. فإِنَّ القِياسَ العَكْسُ. الكَمْءُ: نَبات يُنَقِّضُ الأَرضَ فيخرج كما يَخرج الفُطْرُ

، وعن ابن الأَعرابي: : تَلَمَّعَتْ عليه الأَرضُ وَتَودَّأَت عليه الأَرض وتَكَمَّأَت عليه إِذا غَيَّبَتْه وذَهَبَتْ به.

الخلاصة:

السلوى= نبات أو فطر الكمأة

الأية ذكرت " وظللنا عليهم الغمام" وهذا يدل على إنزال الماء وهذا ضرورى ليكون هناك فطر الكمأ الذى ينبت بعد نزول الماء من السماء.

معلومات عن الكمأة:

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D9%85%D8%A3

ملحوظة: الكمأة من أفضل أنواع الفطريات ولهذا ما رزقهم الله من عسل أفضله وهو عسل "السدر" أو "الزيتون".

هذا يعطينا لمحة عن مكان تواجد بنى إسرائيل فى هذا الوقت: مكان لا ينمو فيه البقل والقثاء والفوم والعدس أو مكان تربته غير خصبة ولا تصلح للزراعة وتنمو فيه الأشجار الضرورية لغذاء النحل والمكان  عرضة لنزول ماء السماء على الأرض.