إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

خلق الإنسان



الإعجاز والتعجيز:

ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى [القيامة : 38]

لعله من مخزونك المدرسى تفهم مدلول " علقة" دون الرجوع إلى تفاسير المفسرين،


فأنت درست حتما الكائنات التى تتعلق بأخر وتتغذى عليه أو منه عن طريق الإمتصاص ، مثل البلهاريسيا. وتعلم الأن أو ربما سمعت أو شاهدت أن الجنين يتغذى من الأم عن طريق الحبل السرى فهو إذا " علقة" تتعلق بأخر وتتغذى منه.

التفاسير القديمة قالت أن العلقة هى قطعة من الدم ، الذين قالوا ذلك كأنهم لا يعلمون أن الفعل " يعلق وعلق" لا صلة له بقطعة الدم. هم لا يعرفون أو يجهلونها العربية جهلا تاما.

ولا تقول لى أنهم فهموا ذلك وفقا لمعطيات العصر لأن الفراعنة وغيرهم كانوا متقدمين فى الطب وأجروا عمليات جراحية وتشهد الأثار بذلك.

وبعيدا عن ذلك فقد كان يكفى النظر إلى الكلمة كمكون حرفى يتألف من حروف تدل على التعليق وأنهم يعلمون حتما أن الجنين يتغذى من الأم ولهذا تجد من قديم الزمان مراعاة الأمهات فى فترة الحمل لما تأكله وتشربه.

أصحاب الإعجاز العلمى ربنا كرمهم وفهموا معنى العلقة بالإستعانة بالمجهر والتصوير الضوئى ،

ولكنهم خزلونا فى فهمهم لمدلول " المضغة" ،

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ " الحج ( راجع بقية الأية 5 )

فخرجوا علينا بقطعة لبان ممضوغة بالأسنان وعليها أثر لأسنان الماضغ وأرجعوها إلى سلسلة العظام الفقارية ، هم تعاموا عن أن أثر المضغ يتخذ شكلا غائرا خلاف فقرات الظهر التى تأخذ الشكل البارز. ولكنه عجز لا إعجاز فى الفهم منهم.

التفاسير القديمة أرجعت معنى المضغة إلى قطعة اللحم ، ولا أستوعب حقا لماذا تحديدا اللحم ، ألا تكون المضغة قطعة أى شىء ممضوغ وإن كان خبزاً؟

وفى القول مخلقة وغير مخلقة أرجع أهل الإعجاز والعجز المعنى إلى أن ذات المضغة مخلقة وغير مخلقة وقالوا أن غير مخلقة هى المرحلة الأولى منها والمخلقة بداية التشكل والنمو.

طيب ، 

مضغة: هى وصف لماهية الشىء ولا تصف شكله إطلاقا، والشىء المضغة هو الرقيق والدقيق.

بعد تكون مرحلة " العلق" يكون لدينا مضغتان ، أحدهما مخلقة والأخرى غير مخلقة.

المضغة المخلقة: هى هذا الجزء من علقة الجنين الأخذ فى النمو والأزدياد والتشكل وهذا هو تخليقه.

المضغة غير مخلقة: هى الجزء الأخر من العلقة وهو الحبل السرى وهذا لا يتخلق فلا ينمو ولا يزداد ولا يتشكل فيكون له قلب وعين وأذن وهيكل وعضلات وخلافه.


ونواصل مع الأية:

ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون : 14]
فخلقنا المضغة عظاما :

ما هى العظام؟
عظم (مقاييس اللغة)
العين والظاء والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على كِبَر وقُوّة
ويقول حسن عباس عن حرف الظاء:" صوت هذا الحرف إنما هو تفخيم لحرف الذال ، يلفظ ملثوغاً مثله، فخفّ بذلك توتره الصوتي وقلَّت غلظته. وهو يوحي بالفخامة والنضارة والأناقة والظهور، وبشيء من الشدة والقساوة"

ولا يختلف كثيرا ما قاله الإستاذ سامر إسلامبولى: " صوت يدل على بروز خفيف متصل"
وعن حرف العين يقول حسن عباس: على النقيض من حرف الغين يوحي حرف العين بالفعالية والإشراق والظهور والسمو" ، وهذا ما عبر عنه الإستاذ سامر بالعمق الوظيفى لحرف العين، هو إذا عمق يدل على علو ووضوح

الإختلاف بينهم فقط فى التعابير المستخدمة للدلالة الوظيفية للحرف
.
 
وهذا هو المدلول الأصلى لكلمة " عظم" وهو ظهور لشدة وقوة فى الشىء ، الميم هى لتمام ما سبقها.
وعليه كنت تسمع فى المسلسلات القديمة " مولانا " المعظم" السلطان الغورى" ،

كلمة المعظم تدل على عظم وفخامة وقوة ظهور مكانته ، ولا تعنى الهيكل العظمى له.
ومنها قولنا على كل شىء " عظيم" للدلالة على فخامته وقوته وظهوره الشديد.
ومن هنا أتى قولنا " الهيكل العظمى  " لما فيه من صلابة وشدة وقوة وشدة وضوح أو بروز.


فخلقنا المضغة عظاما : تحول المضغة الرقيقة الدقيقة إلى مكون يتسم بالقوة والوضوح والتماسك لتكون غضاريف وعضلات وأحشاء داخلية وظهور يديه ورجليه الخ

قد قلنا من قبل أن المضغة لا تدل على شكل المضغ بالأسنان والصحيح أنها لا تحمل شكلا محدد الملامح وهذا يتناسب مع مرحلة المضغة فهى لا شكل لها وهى رقيقة ودقيقة. وعليه نقول أن مرحلة العظام هى مرحلة تكون أو تشكل المضغة وقوتها.

فكسونا العظام لحما:

عند هذا الجزئية تبارى أصحاب الإعجاز العلمى للدفاع عن القرءان وهو فى الحقيقة دفاعا عن فهمهم الخاطىء للقرءان، وذلك لأن البعض أخذ على القرءان قوله أن العظام تسبق خلق اللحم. لهذا تجدهم يتكلمون عن مرحلة النطفة إلى العلقة بالساعة واليوم وعند هذه الجزئية يخرصون. ولن نخوض فى ما قاله المعترضون والمدافعون لأنهم موجود على النت وحتى لا نضيع الكلمات فيما لا ينفع.


كسو :
الفرق بين " كسو" و" رسو" هو بداية الكلمات ، الراء تكرار يسبق الإستقرار والسكون مما يؤدى إلى ثبات فى الحركة. والكاف ضغط خفيف يجمع المتفرقات فتستقر وتسكن لتجمعها.
هذا هو أصل معنى "كسو" ، ولا صلة له باللباس. لا نخلط زيد مع عبيد

لحما:
يقول الإستاذ سامر فى حرف اللام :"
صوت يدل على حركة بطيئة متصلة لازمة"

ويقول فى حرف الحاء:" صوت يدل على تأرجح شديد منضبط وسعة
وحسن عباس عن اللام :" يوحي بمزيج من الليونة والمرونة والتماسك والالتصاق
وعن الحاء:" إذا لفظ صوت الحاء مشدداً مفخماً عالي النبرة، أوحى صوته بالحرارة، وبأصوات فيها شيء من الحدّة، وبمشاعر إنسانية لا تخلو من الحدّة والانفعال.
أما إذا لفظ صوته كما نلفظه اليوم بحناجر حضارية رخوة مرققاً مرخَّماً، أوحى لنا بملمس حريري ناعم دافئ، وبطعم بين الحلاوة والحموضة، وبرائحة ذكية ناعمة
ويضيف قائلا :" وهكذا كان الصوت الغِنائي الذي يتصف بخصائص صوت الحاء هو أغنى الأصوات عاطفة وأكثرها حرارة، وأقدرها على التعبير عن خلجات القلب ورعشاته. ليتحول مثل هذا الصوت مع البحّة الحائية في طبقاته العليا، إلى ذوب من الأحاسيس وعُصارة من عواطف الحب والحنين والأشواق
لو جمعنا ما قاله الأستاذين لفهمنا أن " لحم" يدل على تلاحم فى الشىء ينتج عنه أن تدب فيه الحياة فيكون له حركة خفيفة مع حرارة ودفء ،

وهذا لأن العظام وهى هذا المخلوق الذى تم تشكله وتكوينه قد تم ربط أعضاءه ببعضها البعض فتسمع دقات قلبه وتشعر الأم بحركة وليدها فى أحشاءها.

لهذا قال بعدها مباشرة "
ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ"

لأن دب الحياة في هذه النطفة التى تعاظمت ترتب عليه إنشاء خلق أخر يسعى فى رحم أمه ليخرج فيسعى رجلا.

والذى يتفكر يجد أن هذا الطور فى رحم الأم يعيد نفسه بعد الولادة مباشرة، فكيف ذلك؟

نطفة:
نأخذ ما قاله الإستاذ سامر حتى لا نطيل ،

النون:
صوت يدل على ستر أو اختباء
الطاء: صوت يدل على دفع وسط متوقف
الفاء: صوت يدل على فتح خفيف منضم
إجمع هذه المعانى تجدها تدل على خروج ماء الرجل وماء المرأة من مكمنه بدفع وسط ليبتعد المدفوع عن مركز الحركة بخروجه منها ( ولهذا نقول " طفت الجثة على الماء لخروجها مدفوعة من عمق الماء إلى أعلاه).

وهذا المعنى يتطابق كذلك مع خروج الجنين من رحم أمه إلى النور.

هذه النطفة الخارجة فى التو ما تلبث أن تكون " علقة" فتتعلق بإمها لتطعم نفسها من ثدييها،
وهذه النطفة " تحبو" على الأرض لما فيها من ضعف ورقة المضغة" والتى تتعاظم فيشتد عودها شيئا " ما" بتوقفها عن الرضاعة ووقوفها على رجليها فتمشى قدما وتصل إلى مرحلة " اللحم" تلاحم أعضاءها فتدب فيها الحركة لتسعى.


نصل إلى أن القرءان لا يخاطب القابعين فى معامل الكيمياء والفيزياء ، هو يخاطب البيه والبواب سواء. لا إعجاز ولا تعجيز ، هو قرءان يسره الله بلسان النبى عليه السلام لنتذكر ونتفكر. والفكرة فى الأية تكمن فى أنك تمعن التفكير فى كيفية خلقك من بعد أنك لم كن شيئا مذكورا مرورا بنشوء النطفة وإتمام عملية التلقيح وتكون مخلوق ضعيف لا شكل له إلى نموه وتمام تكوينه وتشكيله إلى أن تدب فيه الحياة فتتلاحم هذا الأعضاء النامية إلى أن تصبح رجلا تسعى وستسأل عن سعيك هذا.

لو أراد القرءان إعجاز لأعلمنا عن كيفية خلق وتكوين الأذن وكيفية بناء الجهاز السمعى وكيفية عمله ، هذا كمثال ولكنه لم يفعل لأن الله سبحانه وتعالى جعل لنا السمع والبصر والأفئدة لنجده بهم ، لا ليعاجزنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق