صلح الحديبية ...
قالت كتب السيرة أنهم كتبوا فى وثيقة الصلح :" أن يرد المسلمون من يأتيهم من قريش مسلما بدون إذن وليه، وألا ترد قريش من يعود إليها من المسلمين."
هذا الشرط يخالف ما فى القرءان، لأن القرءان فرض على من أمن أن يهاجر إلى مدينة رسول الله ، فتقرأ :
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) } (سورة الأَنْفال 72)
هنا الأية تنهى عن ولاية هؤلاء الذين لم يهاجروا حتى يهاجروا ، وقوله " حتى يهاجروا" هو أمر بالهجرة وعدم البقاء فى أرض الشرك. وهذه الأيات نزلت بعد موقعة بدر وتجد فيها أنه هناك مواثيق قد عقدها الرسول عليه السلام مع المشركين أو بعض القرى المشركة وإن إستنجد من فيها من الذين أمنوا لتعرضهم للتضييق والعذاب بسبب دينهم، إن إستنجدوا بمدينة الرسول فعلى أهل المدينة ألا ينصروهم بسبب هذا الميثاق مع هذه القرية المشركة لأن الميثاق يمنع قتالهم. ولكن ذلك الميثاق لا يمنع هؤلاء من الهجرة إلى مدينة الرسول.
وتجد أيات سورة النساء تقول أنه من لم يهاجر وبقى فى أرض الشرك معرضا نفسه للفتنة فقد ظلم نفسه وإستثنت المستضعفين:
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) } (سورة النساء 97 - 98)
وتعرض الأيات فوائد الهجرة وترغب فيها:
{ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) } (سورة النساء 100)
وتقص علينا كتب السيرة أن أم كلثوم بنت عقبة قد خرجت مهاجرة إلى المدينة وخرج أخوها الوليد وعمارة لردها مذكرين الرسول عليه السلام بشرط المعاهدة، إلا أنه رفض ردها معللا ذلك بأن الله قد منع ذلك ، وهذا إشارة إلى ايات سورة الممتحنة. ولكن كتب السيرة تقف هنا عن السرد وهذا غير مقبول أو مفهوم لأن الوليد وعمارة ما كانا يقبلا أن الله منع ذلك لأنهما لا يؤمنان بالله ولا يعنيهم ما يقول، هما أو قومهم عقدوا عهداً مع الرسول وعليه أن يلتزم به وإلا كان ذلك نقضاً لهذا الميثاق. ولكن كتب السيرة تنهى القصة كأن الرجلين قبلا منع الله لذلك ورجعا بدون أختهما .
أولا ما كان الله يدعو لنقض العهود وما كان لرسوله كذلك أن ينقض عهداً عاهد به :
{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) } (سورة الإسراء 34)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) } (سورة المائدة 1)
هذا كله يجعلنا نكذب هذا الشرط فى هذه المعاهدة وأنه لم يكن. هناك كانت مواثيق وعهود بين المسلمين والقرى الكافرة وهذه كانت قاصرة فقط على عدم الإقتتال وعلى حرية الدعوة والإعتقاد ولم تزد عن ذلك.
وبعيداً عن ذلك تقرأ فى سيرة إبن هشام أن الرسول عليه السلام :
قال إبن إسحاق:" وكان رسول الله مضطربا فى الحل، وكان يصلى فى الحرم ولما فرغ من الصلح فام إلى هديه فنحره ..."
ويعلق محقق الطبعة قائلا أن " مضطربا تعنى أن أبنيته كانت مضروبة فى الحل" وهذا لا يهمنا ، ما يهمنا هو تعليقه على أن كان يصلى فى الحرم فقد قال وكانت صلاته فى الحرم لقرب الحديبية من الحرم" ، وهذا لا يقنع طفلا رضيعاً ، فكيف تكون الحديبية من الحرم لمجرد قربها منه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق