والذين إجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها .........
الطاغوت ذُكرت فى القرءان ثمان مرات والجبت مرة واحدة ،
طاغوت : الطاء حركة مرنة متعاظمة والغين تغيب الحركة، فعل الغين يقع على المفعول به وهو ناتج عن تعاظم حركة الطاء ،
{ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) } (سورة الحاقة 11)
الأية لم تذكر مفعولا به لطغيان الماء ولكنه يفهم من السياق أن تعاظم الماء غيًب ما تحته فلا تراه،
وكل طاغية يغيب حركة من يطغى عليه، يجعله كأنه لا يوجد
{ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) } (سورة طه 43 - 46)
الطاء حرف مرن لهذا يمكنه التفاقم والتعاظم وتجاوز الحد وهذه الصفة تنطبق تحديداً على الماء فهو يرتفع ويمتد بسهولة ، وهى صفة لكل ما تجاوز الحد كمثال عقاب ثمود:
{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) } (سورة الحاقة 5)
وعذاب ثمود كان بالصيحة والرجفة وذكره القرءان بأنه الصاعقة ، وهى الرعد والبرق المتعاظم الصوت والضوء الحارق
جبت : الجيم حركة منجذبة للداخل والباء تدل على الإنبثاق ولكنه هنا إنبثاق إلى أسفل أو بمعنى الحفر ، أفضل ما قالته المعاجم فى الجب أنه البئر بعيدة القعر والتى لا يحفرها الناس بأنفسهم بمعنى أنها طبيعة المنشأ وإن جعلوها كثيرة الماء ونختلف معهم فى كثرة الماء إستناداً على القرءان :
{ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) } (سورة يوسف 10)
لأنه لو كانت الجب كثيرة الماء لغرق يوسف عليه السلام ومات وهم ما أرادوا موته ، إنما أن يلتقطه بعد السيارة الذين أرسلوا واردهم لعله يجد بعض الماء فى قعر الجب ( غيابات تدل على عمقه الشديد) .
لاحظ أن الجب فى يوسف بضم الجيم ، بينما الجبت بفتحها وهذا الفتح يدل على إنفتاح الحركة ، مقاييس اللغة يجعل دلالة الجيم على القطع وإن صح فهو قطع ممتد منفتح.
عندما تتأمل الطاغوت والجبت تجد مصدرين لما يؤمن به السفهاء من الناس ، وتوقف عند المصدرين لحظات، كأنك تجد ماء طاغى ما نسميه السيل أو ماء منهمر وهذا الماء المنهمر يحدث حفر فى الأرض بإختراقها وينتهى نزول الماء المنهمر ويتبقى عندك هذه الحفرة العميقة البعيدة القعر التى لا قد لا تجد فيها ماء وإن وجدته فهو ماء فاسد أو غير صافى وهنا هو مصدر السفهاء من الناس الذى يأخذون عنه دينهم.
أرجع بك مرة أخرى إلى الطاغوت الذى هو منبع ومنشىء الحفرة وهذا أمرنا الله ألا نتخذه من دونه أولياء وألا نعبدها ،
الله بعث فى كل أمة رسول والرسول حامل ومبلغ لرسالة ربه وفحواها أن نعبد الله ونجتنب الطاغوت ، وأكثر الناس يهجرون رسالة ربهم بعد أن إسغشوا ثيابهم لكى لا يسمعوا بلاغ الرسول المبين ، وأمنوا بالطاغوت من جاءهم برسالة كتبها هو بنفسه زاعماً أنها من عند الله :
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) } (سورة النحل 36)
تأمل صفات عبدة الطاغوت:
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) } (سورة النساء 49 - 51)
هم يزكون أنفسهم و يفترون على الله الكذب ،
ونتيجة لذلك تجدهم يكتبون الكتاب بأيديهم ويقولون إفتراً على الله أنه من عنده:
{ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) } (سورة البقرة 79)
وهذا ما فعلته اليهود من بعد موسى عليه السلام فقالوا بالوحى الشفهى وأخرجوا للناس كتاب المشنا والجمارا ولدرجة أنهم قالوا أنها قاضية على التوراة وحكموا بكفر من لا يؤمن بها.
هذه المشنا والجمارا ما هى إلا " الجبت" ، مصدرهم للماء
وهؤلاء الطاغوت من الأحبار يخرجون الناس من النور الذى أنزله الله إلى الظلمات التى خطوها بأيديهم:
{ اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } (سورة البقرة 257)
إقرأ:
{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) } (سورة المائدة 60)
وتجد أن سفيهم ( حزب النصارى) كيف كان يقول على الله شططاً:
{ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِبًا (5) } (سورة الجن 4 - 5)
هنا طاغوت أمرت الناس أن يؤمونا بأن عيسى إبن مريم أنه إبن الله أو أنه هو نفسه الله،
النصارى ليس لها كتاب بشرى كاليهود لأن جبتهم قائم على تفاسير مغلوطة للإنجيل بعد تحريف الكلم عن موضعه.
وختاماً:
{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) } (سورة البقرة 256)
لم ينزل الله على عبده إلا أيات بينات ولا يوجد غيرها:
{ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) } (سورة الحديد 9)