وبالإسحار هم يستغفرون،
ما هو السحر ولماذا صيغة الجمع؟
سحر: السين تدل على حركة إنسيابية والحاء لمحدودية تلك الحركة مع تكرار بالراء والتكرار تصاعدى،
لسان العرب وغيره أتوا بمعانى كثيرة وأصحها قولهم :"والسَّحْرُ والسُّحْرةُ: بياض يعلو السوادَ، يقال بالسين والصاد، إِلاَّ أَن السين أَكثر ما يستعمل في سَحَر الصبح، والصاد في الأَلوان، يقال: حمار أَصْحَرُ وأَتان صَحراءُ"
الإنسيابية التى قلت عليها هى دخول الخيط الأبيض من النهار وهو يبدأ بدرجة محدودة مع تكرار تصاعدى فى إزدياد حتى طلوع الشمس فيبدأ ضحى النهار.
ولكنه كذلك ينطبق على دخول الليل ، فيدخل الخيط الأسود من الليل فى النهار.
السحر إذاً يدل على بداية النهار وبداية الليل متمثلاً فى ظهور أول خيط أبيض للنهار وأول خيط اسود لليل ( الفجر فى حالة النهار ومغيب الشمس فى حالة الليل).
نجاة لوط عليه السلام وأهله إلا إمرأته كان بسحر:
{ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) } (سورة القمر 33 - 35)
نعلم أنهم خرجوا بقطع من الليل:
{ قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) } (سورة هود 81)
وكان موعد نزول العذاب هو الصبح وهذا وقت نجاة لوط عليه السلام ومن معه من أهله.
عند مسيرهم بقطع من الليل لم ينزل العذاب بعد وكان خروجهم نهائياً من القرية بسحر وفى هذا الوقت تحقق شيئان، الأول نزول العذاب على القرية والثانى نجاة لوط عليه السلام ومن معه من أهله.
تنكير كلمة سحر لأنها تدل على وقتين مختلفين، أحدهما مرتبط بدخول النهار والأخر بالليل كما أوضحنا. وأية الإسراء بهم بينت لنا أن الحدث تم فى الليل وتحققت النجاة مع أول خيط للنهار.
نجد فى أيات أخرى كلمة ليل أتت معرفة لأنه هناك ليل واحد لا غير ونهار واحد كذلك.
{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) } (سورة البقرة 274)
{ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17) } (سورة آل عمران 16 - 17)
الأسحار فى صيغة الجمع يدل على الوقتين معاً ( بداية النهار وبداية الليل)
وهذا المثنى يتكرر بكثرة للدلالة على إستمراية الإستغفار فى سحر كل يوم. مثلها مثل أطراف النهار الدالة على أنهم يقيمون الصلاة كل يوم فى طرفى النهار ( عليها يحافظون ودائمون).
طرف النهار: إسم صفة يدل على بداية النهار ونهاية البداية وله دلالته اللفظية. ( راجع بحث أطراف النهار).
سحر: إسم صفة يدل على نفس الفترة الزمنية وله دلالته اللفظية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق