قال فإنك من المنظرين إلى وقت اليوم المعلوم ......
خلق الإنسان كان من طين ، وهذا يتناول فقط خلق الجسد،
إبليس قال : أنا خير منه، خلقتنى من نار وخلقته من طين ..
الخلق من طين إنتهى إلى جسد الإنسان بما فيه من عظام ولحم وأحشاء ودم وخلافه ، فماذا أصبح إبليس فى النهاية؟ هو قال أنه خُلِق من نار والنار لها دخان، الدخان هذا من مكونات النار أو ناتج عنها فلا دخان بلا نار.
الفعل " بلس" مفعوله هو " مبلس":
{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) } (سورة الأَنعام 44)
وهذا البلس كأنك أدخلت شيئاً فى زجاجة وبعده يتسحيل خروجه منها، يحدث إنبثاق بالباء يؤدى إلى الإمتلاء وهذا يتم بعملية التنفيس أو النفخ بالساء وهو تنفيس متواصل باللام إلى أن ينتهى.
فى حالة من جاءهم العذاب بغتة كأنهم فى حالة لا حراك ولا كلام ووجوم كامل من المفاجئة.
الفجأة أدخلتهم فى هذا الشأن،
إبليس هنا هو فاعل البلس وليس مفعولاً به ، هو الذى بلس بنفسه،
عندمل نقرأ الأيات بعد رفضه السجود نجد أنه لا عقاب له إلا أن يخرج منها :
{ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) } (سورة ص 77 - 81)
وتم إرجاء الأمر إلى يوم الوقت المعلوم ، بمعنى أن إبليس لم يخرج منها إلى يومنا هذا، مازال فيها إلى يوم الوقت المعلوم.
أنت قرأت من القصص اليوهدى أنه أخرج من الجنة ودخل إليها خلسة فى صورة حية لإغواء ءادم وهذا كله خرافات ينفيها القرءان جملةً وتفصيلاً ، لأن القصص الحق قال أن لم يخرج منها أو يهبط وتم إنظاره إلى يوم يبعثون.
أنا لم أشهد خلق إبليس ولا خلق الإنسان ، أحاول فقط أن أفهم فى حدود الأيات المتاحة وفى حدود ما يستوعبه عقلى ولعله يصيب أو قد يخطىء ....
إستوقفنى كثيراً معنى كلمة الزكاة وتزكية النفس، فقرأت الأية الكريمة:
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) } (سورة الشمس 7 - 10)
وسألت كيف يكون من دساها هو المخطىء ومن زكاها هو المصيب؟
النفس الإنسانية نارية فى مقابل الجسد الذى يحمل مكونات الطبيعة الأربعة ( التراب والماء والهواء والنار) ، وهذه النارية هى شهوانية بفطرتها لأنها تلتهم كل شىء ولا حدود لشهوانيتها،
فكيف يكون تزكية النار الذى تزداد معه إشتعالها هو طريق الصواب؟
كنافخ الكير من ينفخ فى النار فيزكيها، التزكية تتم بالزاى التى تسرع وتنشط من النار وهذا يؤدى إلى تجمعها بالكاف ، النار وهى فى حالة كمون أو حتى مجرد بصيص يربو فوق الرماد تكون مفعمة بالدخان ، وتزكيتها يصل بها إلى أن تكون نار خالصة لا دخان فيها ، هو صفاء النار وتنقيتها من الدخان غذاً هو المطلوب أن نفعله.
النفس حاملة فى داخلها لعنصر التقوى وعنصر الفجور فى ذات الوقت، فجورها هو دخانها وتقواها هو نارها ، من سيغلب الأخر؟
بدأت أفهم هنا لماذا خاب من دساها، لأن خيبته أتت لضعف النار وإزدياد الدخان ، اصبحت نفسه كامنة تحت الرماد ولا ترى إلا ألسنة الدخان تتصاعد فى السماء. هذا هو دسها.
نرجع إلى إبليس الذى لم يخرج منها ولم يتم إخراجه وإنظاره إلى يوم يبعثون، أين هو الأن؟
هو وفقاً لما فهمته، هو الدخان الذى بلس فى نفس الإنسان ولن يفارقه إلا عند الموت ويوم البعث ستكون أنفس مطهرة لمن زكاها فى حياته الدنبا ، لا دخان فيها، هنا فقط سيخرج منها ويتم إستبعاده:
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57) } (سورة النساء 57)
إبليس لأنه هذا الدخان الذى بلس فى النفس الإنسانية ، وهذا هو الإختبار ! إختبار من زكاها أو دساها، من فعًل تقواها ومن فعًل فجورها ......
تعالى أخبرك من هم المؤمنون حقاً، لا كذباً ونفاقاً :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) } (سورة الأَنْفال 2 - 4)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق