فلما رأها تهتز كأنها جان ولى مدبراً ......
نتابع أولاً مع قصة موسة عليه السلام:
{ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) } (سورة النمل 10)
جن (ن): الجيم كما نعلم أنها تدل على حركة منجذبة إلى الداخل، والنون كمعنى بصرى يدل على الظهور والخفاء، ومعنى سمعى يدل على صوت الرنين أو تردد الصوت وهو يحمل كذلك الخفاء والظهور، وكحركة يدل على إضطراب،
سأبتعد بك قليلاً لنقترب أكثر،
دواة الحبر، ما بها من حبر ، لا معنى له
خذ قلم وإغمسه فيها وإحضر ورق وقم بسطر حروف لتصنع كلمات فيكون عندك نص ذى معنى ودلالة، فما كان خافياً أصبح ظاهراً ( ن، والقلم وما يسطرون).
يونس عليه السلام أبق إلى الفلك:فإلتقمه الحوت:فنبذناه بالعراء
ثلاث حالات، متغيرة من ظهور إلى خفاء إلى ظهور
إضطراب يحدث لنبى الله يؤدى به إلى أنه يذهب مغاضباً، فكان من المسبحين فنجاه الله من الغم
لهذا كان يونس عليه السلام " ذا النون" .....
العصا التى ألقاها موسى عليه السلام قد رأها تهتز، حركة مضطربة،
والحية عندما تتحرك تقوم بلف جسمها على نفسه، حركة داخلية تؤدى إلى إختفاء البعض منها ويبقى البعض ظاهراً.
ولهذا فى هذا المشهد عبر القرءان عنها بقوله " كأنها جان"، هى تشبه الجان فى حركته المهتزة الحاملة للظهور والخفاء فى ذات الوقت.
الجان: إسم مذكر، وهو إسم صفة يصف لنا الحية من منظور الحركة والرؤية لها.
تأمل المشهد التالى:
{ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) } (سورة الشعراء 32)
هنا قال عن العصا أنها " ثعبان مبين"،
الثاء تدل على الدقة فى الحركة ( من دقة الثاء تجد أغلب الناس يلفظونها سين لصعوبة نطقها)، والعين تدل على العلو أو حركة من أسفل إلى أعلى، والباء على الإنبثاق،
لماذا كل ذلك؟
زمكان الحدث هنا مختلف، المشهد فى بلاط فرعون وملأه حاضراً، إنه لقاء فيه تحدى لفرعون وللملإ أجمعين،
لهذا كان على الحية أن تقف شامخة ( علو وإنبثاق) ولم تكن حية عظيمة ( كانت دقيقة، قد لا تزيد عن طول وحجم العصا) ولكنها كانت كافية لإرهاب فرعون ومن معه،
كأن موسى عليه السلام فى هذا اللقاء قد ذبح القطة لفرعون،
تأمل ما قاله فرعون:
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) } (سورة غافر 26)
قوله هذا كأن الملأ يمنعونه عن موسى عليه السلام، هو يذكرك بأحدهم يقول " سيبونى عليه ، وهو ممسك بالناس من حوله لتمنعه)، وهذا راجع إلى رعب وهلع فرعون من موسى عليه السلام وهذا ما أحدثه اللقاء الأول بينهما.
عند لقاء موسى ربه، عبر القرءان عن مشهد تحول العصا بأنها تهتز كأنها جان، كما ذكرنا أعلاها، وقال كذلك:
{ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) } (سورة طه 20)
السعى يعنى حركة متغيرة مستمرة، لهذا قال عنها هنا أنها " حية"، فالحاء تدل على حركة وإن كانت محدودة إلا أنها واضحة وهى متغيرة متجددة ومستمرة بالياء. وهذا يناسب أنها " تسعى".
وكل كائن متجدد الحركة نسميه: كائن " حى".
العصا: مؤنث، وقد صارت " حية" وهى مؤنثة كذلك، إلا أنه سماها " ثعبان، مذكر" وشبهها بالجان، مذكر، وهذه التسميات هى أسماء صفات لذات الشىء ولا علاقة لها به إن كان الشىء نفسه مذكر أو مؤنث.
مشهد لقاء موسى وربه: إهتزاز وسعى لإظهار أن العصا أصبحت كائن حى يتحرك ( حية تسعى ، تهتز كأنها جان).
مشهد لقاء فرعون موسى عليه السلام: علو وإنبثاق لإخافة فرعون هلعاً ( ثعبان)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق